وهذا قول ابن زيد أيضاً، قال:(كانوا ثلاث فرقٍ؛ فرقة اعتدت، وفرقة نهت، وفرقة لم تنه، وقالت {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا}، فنجت الناهية، وهلكت الفرقتان. قال: وهذه الآية أشد آية في القرآن في ترك النهي عن المنكر)(١).
وروى ابن جريج عن عكرمة قال:(دخلت على ابن عباس وهو ينظر
في المصحف ويبكي قبل أن يذهب بصره، فقلت: ما يبكيك؟ فذكر قصة أصحاب أيلة، ثم قرأ قوله (٢): {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ}. الآية، وقال: أسمع الله ذكر الذين نهوا ولا أسمع الذين سكتوا، ونحن نرى أشياء ننكرها فلا نقول فيها ولا نغيرها.
قال (٣) عكرمة: فقلت له: جعلني الله فداك، ألا تراهم قد أنكروا حين قالوا:{لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ}، وإن لم يقل الله: أنجيتهم، لم يقل أيضًا أهلكتهم، ولم أزل به حتى عرفته أنهم نجوا، قال: فأعجبه ذلك من قولي، فرضي، وأمر لي ببردين فكسانيهما) (٤).
= بعد ذلك والله أعلم) اهـ. بتصرف. وقال شيخ الإِسلام ابن تيمية في "الفتاوى" ١٧/ ٣٨٢: (أنجى الله الناهين، وأما أولئك الكارهون للذنب الذين قالوا {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا} فالأكثرون على أنهم نجوا؛ لأنهم كانوا كارهين فأنكروا بحسب قدرتهم، وأما من ترك الإنكار مطلقًا فهو ظالم يعذب) اهـ. (١) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ٦/ ١٣ ب، والواحدي في "الوسيط" ٢/ ٢٦٠، والبغوي ٣/ ٢٩٤، والخازن ٢/ ٣٠٣. (٢) لفظ: (قوله) ساقط من (ب). (٣) في (أ): (وقال). (٤) أخرجه عبد الرزاق ١/ ٢/ ٢٤٠ - ٢٤٢، والطبري ٩/ ٦٤، وابن خالويه في "إعراب =