الهلاك. قال مجاهد (١): إلا أن تموتوا كلكم. وقال ابن إسحاق (٢): إلا أن يصبكم أمر يذهب بكم جميعًا فيكون ذلك عذرًا لكم عندي، والعرب تقول: أحيط بفلان: إذا دنا هلاكه، قال الله تعالى:{وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ}[الكهف: ٤٢] أي أصابه ما أهلكه، وأصله أن ما أحاط به العدو أو ما يخافه انسدت عليه مسالك النجاة ودنا هلاكه، فقيل لكل ما هلك: قد أحيط به، القول الثاني: ما ذكره معمر عن قتادة (٣){إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} قال: إلا أن تغلبوا ولا تطيقوا الرجوع، وهذا اختيار الزجاج (٤) قال: معنى الإحاطة أن يحال بينهم وبينه فلا يقدرون على الإتيان به. وذكر ابن قتيبة (٥) الوجهين جميعًا فقال: إلا أن تشرفوا على الهلكة، وتغلبوا، والذي ذكرنا عن ابن عباس يحتمل الوجهين جميعًا، والإحاطة بالشيء يتضمن الغلبة، وذكرنا بعض هذا في قوله:{وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ}[البقرة: ٨١]، وقوله تعالى:{وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ}(٦) قال أبو إسحاق (٧): وموضع "أن" في قوله {أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} نصب، والمعنى لتأتونني به إلا للإحاطة بكم، وهذا يسمى
(١) الطبري ١٦/ ١٦٣، وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ٤/ ٢٢٧ أ، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٤/ ٥٥٦، الثعلبي ٧/ ٩٤ ب، البغوي ٢/ ٤٣٧، ابن عطية ٩/ ٣٣٦، "زاد المسير" ٤/ ٢٥٣. (٢) الطبري ١٦/ ١٦٤. (٣) الطبري ١٣/ ١٢، عبد الرزاق ٢/ ٣٢٥، البغوي ٤/ ٢٥٧، ابن عطية ٨/ ٢١، القرطبي ٩/ ٢٢٥. (٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٩. (٥) "مشكل القرآن وغريبه" ص ٢٢٧. (٦) يونس: ٢٢، وقال هنالك: "قال أبو عبيدة والقتيبي "أي دنوا من الهلاك" وأصل هذا أن العدو إذا أحاط بقوم أو بلد فقد دنوا من الهلاك". (٧) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ١١٩.