وقيل:(يعني فرادى)(٢). كما قال في سورة الأنعام:{وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} الآية. وقال أبو إسحاق:(أي بعثناكم كما خلقناكم)(٣). لأن قوله:{لَقَدْ جِئْتُمُونَا} يعني: بعثناكم.
وقوله تعالى:{بَلْ زَعَمْتُمْ} خطاب لمنكري البعث خاص، ومعناه: بل زعمتم في الدنيا أن لن تُبعثوا, لأن الله وعدهم البعث فلم يصدقوا، والمعنى:{أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا} للبعث والجزاء، و {بَلْ} هاهنا إيذان بأن القصة الأولى قد تمت وبدأ في كلام آخر، وذلك أن الآية عامة في المؤمن والكافر إلى قوله:{بَلْ زَعَمْتُمْ} فلما أخذ في كلام خاص لأحد الفريقين أدخل {بَلْ} ليؤذن بتحقيق ما سبق، وتوكيد ما يأتي بعده، كقوله تعالى:{بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْهَا بَلْ هُمْ مِنْهَا عَمُونَ}[النمل: ٦٦]، وقد يجيء {بَلْ} في الكلام لترك ما سبق من غير إبطال له (٤)، كقول لبيد (٥):
(١) ذكرته كتب التفسير بدون نسبة انظر: "الكشف والبيان" ٣/ ٣٨٩ ب، "بحر العلوم" ٢/ ٣٠٢، "معالم التنزيل" ٥/ ١٧٦ بمعناه بدون نسبة، "النكت والعيون" ٣/ ٣١٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٤١٧. ويشهد لهذا حديث عائشة رضي الله عنها في "الصحيحين" قالت: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا ..) الحديث. (٢) "الكشف والبيان" ٣/ ٣٩٨ ب، "معالم التنزيل" ٥/ ١٧٦، "الكشاف" ٢/ ٣٩٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١٠/ ٤١٧. (٣) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٢٩٢. (٤) "البحر المحيط" ٦/ ١٣٤، "الدر المصون" ٧/ ٥٠٦، "إرشاد العقل السليم" ٥/ ٢٢٦، "إملاء ما من به الرحمن" ١/ ٤٠٠، "أضواء البيان" ٤/ ١١٦. (٥) البيت للبيد. نوار: اسم امرأة. ونأت: بعدت. والأسباب: الحبال. =