وقال أبو إسحاق:(أنا على أمر بين لا متّبع لهوًى)(١).
وقال بعض أهل المعاني:(البيّنة هاهنا المعجزة يعني: القرآن)(٢)
وقوله تعالى:{وَكَذَّبْتُمْ بِهِ} هذه الهاء كناية عن البيان، أيَ: وكذبتم بالبيان؛ لأن البيّنة والبيان بمعنى واحد، ويجوز أن تكون الكناية عن معنى البيّنة، وهو ما أتاهم به من القرآن؛ لأنه هو البيّنة، فيكون المعنى: وكذبتم بما أتيتكم به، هذا قول الزجاج (٣).
وقال غيره:(معناه: وكذبتم بربي؛ لأنه قد جرى ذكره)(٤).
وقوله تعالى:{مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ} قال ابن عباس (٥) والحسن (٦)(يعني: العذاب، كانوا يقولون: يا محمد، ائتنا بالذي تعدنا، كقوله تعالى:{وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ}[الحج: ٤٧]، وقوله تعالى:{وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا}) الآية [الأنفال: ٣٢].
قال أبو إسحاق:(وجائز أن يكون الذي استعجلوا به الآيات التي اقترحوها عليه، فأعلم الله أن ذلك عنده فقال:{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ})(٧).
(١) "معانى القرآن" ٢/ ٢٥٥ - ٢٥٦. (٢) انظر: "تفسير ابن عطية" ٥/ ٢١٨. (٣) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٥٦. (٤) هذا قول الطبري ٧/ ٢١١، ورجحه أبو حيان في "البحر" ٤/ ١٤٢، والسمين في "الدر" ٤/ ٦٥٧، وانظر: ابن الجوزي ٣/ ٥١، والقرطبي ٦/ ٤٣٨. (٥) "تنوير المقباس" ٢/ ٢٥، وذكره الواحدي في "الوسيط" ١/ ٥١، وابن الجوزي ٣/ ٥١، عن ابن عباس والحسن. (٦) ذكره الماوردي ١/ ١٢١. (٧) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٥٦، وأكثرهم على أن المراد العذاب والظاهر العموم من العذاب والآيات، انظر: "تفسير مقاتل" ١/ ٥٦٤، والطبري ٧/ ٢١٣، و"معاني النحاس" ٢/ ٤٣٢، والسمرقندي ١/ ٤٨٩، وابن عطية ٥/ ٢١٩، والقرطبي ٦/ ٤٣٩، و"البحر" ٤/ ١٤٢، وابن كثير ٢/ ١٥٣.