وقال أبو علي الفارسي:({لَا يُكَذِّبُونَكَ}؛ لأنهم يعرفونك بالصدق والأمانة، ولذلك سمي الأمين، {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} بألسنتهم ما يعلمونه يقينًا؛ لعنادهم وما يؤثرونه من ترك الانقياد للحق، وقد قال جل وعز في صفة قوم:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا})[النمل: ١٤](١).
ونحو هذا قال ابن الأنباري (٢)، وهذا الذي ذكرنا مذهب الجمهور في هذه الآية (٣).
وقال الضحاك:({فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} (لا يقدرون على أن تكون رسولاً (٤)، ولا على أن لا يكون القرآن قرآنا، وإنما يكذبونك بألسنتهم) (٥)، فعلى هذا معن {لَا يُكَذِّبُونَكَ} لا يستطيعون أن يجعلوك كذابًا، [وحرر أبو بكر هذا القول فقال: معناه فإنهم لا يصححون عليك كذابًا](٦)، إذا كان الذي يظهر منك يدل الناس على صدقك، وإن كذبوا
(١) "الحجة" ٣/ ٣٠٣. (٢) ذكره الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١١٤، وابن الجوزي في "تفسيره" ٣/ ٢٩، وابن منظور في "اللسان" ٧/ ٣٨٤١ (كذب). (٣) انظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ١/ ١٥٧، و"تفسير الطبري" ٧/ ١٨١، و"معاني النحاس" ٢/ ٤١٧ - ٤١٩، و"إعراب القرآن" للنحاس ١/ ٥٤٤، و"معاني القراءات" للأزهري ١/ ٣٥٢. (٤) في (ش): (يكون) بالياء. (٥) أخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١٢٨٢، بسند ضعيف عن الضحاك عن ابن عباس، وذكره السيوطي في "الدر" ٣/ ١٨، وزاد نسبته إلى أبي الشيخ والطبراني، وذكره الهيثمي في "مجمع الزوائد" ٧/ ٨٧، وقال: (رواه الطبراني عن ابن عباس، وفيه بشر بن عمارة وهو ضعيف) ا. هـ (٦) ما بين المعقوفين ساقط من (ش).