كمن لم يكذب، ألا ترى أنك تقول لمن يقول ولا يجيد القول: لم يقل هذا اليوم شيئًا، لما لم يُجد كأن قوله كلا قول) (١).
وقال غيره ما يؤكد هذا المعنى، فقال: معناه: ({فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} بحجة، أي: فلا يعتد بتكذيبهم، فإنه لا حقيقة له)(٢).
واختلف القراء (٣) في قوله: {يُكَذِّبُونَكَ} فقرؤوا مشددًا ومخففًا. قال الفراء:(معنى التخفيف -والله أعلم-: لا يجعلونك كذابًا , ولكن يقولون: إن ما جئت به باطل؛ لأنهم لم يجربوا عليه كذبًا فيكذبوه، وإنما أكذبوه، أي: قالوا: إن ما جئت به كذب. قال: والتكذيب أن يقال: كذبت)(٤).
وقال الزجاج:(معنى كذبته: قلت له: كذبت، ومعنى أكذبته: أريت (٥) أن ما أتى به كذب. قال: ومعنى التخفيف: لا يقدرون أن يقولوا لك كذبت) (٦).
(١) لم أقف عليه، وقريب منه ما نقله الأزهري في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣١١٤، وابن منظور في "اللسان" ٧/ ٣٨٤١، عن ابن الأنباري في معنى الآية أنه قال: (ويمكن أن يكون {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ} بمعنى لا يجدونك كذابًا عند البحث والتدبر والتفتيش). ا. هـ. (٢) ذكر هذا القول الماوردي في "تفسيره" ٢/ ١٠٧، عن أبي صالح وقتادة والسدي، وانظر: "زاد المسير" ٣/ ٢٩. (٣) قرأ نافع والكسائي (لا يكذبوك) بسكون الكاف وتخفيف الذال من أَكْذبَ، وقرأ الباقون بفتح الكاف وتشديد الذال من كذَب. انظر: "السبعة" ص ٢٥٧، و"المبسوط" ص ١٦٨، و"التذكرة" ٢/ ٣٩٧، و"التيسير" ص ١٠٢، و"النشر" ٢/ ٢٥٧. (٤) "معاني الفراء" ١/ ٣٣١. (٥) كذا في النسخ، وعند الزجاج ٢/ ٢٤٢: (ادعيت). (٦) "معاني الزجاج" ٢/ ٢٤٢، بتصرف يسير. ولم يشر الزجاج إلى أن ذلك معنى التخفيف.