وفي قوله:{لَنُبَيِّتَنَّهُ} و: {لَنَقُولَنَّ} وجهان من القراءة؛ أحدهما: التاء وضم اللام من الفعلين على مخاطبة الجماعة (١). والثاني: النون وفتح اللام على إخبار الجماعة عن أنفسهم (٢)، فمن قرأ بالتاء كان قوله:{تَقَاسَمُوا} أمرًا؛ والمعنى: قال بعضهم لبعض: احلفوا لتهلكن صالحًا، وجعل:{لَنُبَيِّتَنَّهُ} جوابًا لتقاسموا؛ لأن هذه الألفاظ التي تكون من ألفاظ القسم تُتَلقى بما تُتَلقى به الأيمان، كقوله:{وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِنْ جَاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِهَا}[الأنعام: ١٠٩] و: {لَئِنْ جَاءَهُمْ نَذِيرٌ لَيَكُونُنَّ أَهْدَى}[فاطر ٤٢] ومن قرأ: {لَنُبَيِّتَنَّهُ} بالنون جاز أن يكون: {تَقَاسَمُوا} أمرًا؛ كأنهم قالوا: أَقْسِموا لنفعلن كذا وكذا (٣)، والذين أمروهم بالقسم داخلون معهم في الفعل، ألا ترى أنك تقول: قوموا نذهبْ إلى فلان، ويجوز على هذا الوجه من القراءة أن يكون قوله:{تَقَاسَمُوا} خبرًا، والمعنى: قالوا متقاسمين لنفعلن كذا. وهذا قول الفراء، والزجاج، وأبي علي (٤).
ومعنى:{لَنُبَيِّتَنَّهُ} لنقتلنه {وَأَهْلَهُ} بياتًا. قاله ابن عباس (٥). ومضى تفسير
(١) أي: ضم التاء من: (لنبيتُنه) وضم اللام من: (لنقولُن). (٢) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر وعاصم، بالنون في الموضعين، وقرأ حمزة والكسائي، بالتاء في الموضعين. "السبعة في القراءات" ٤٨٣، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٩٤، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٣٨، قال النحاس: وهذا أحسن ما قرئ به هذا الحرف؛ لأنه يدخل فيه المخاطبون في اللفظ والمعنى. "إعراب القرآن" ٣/ ٢١٥. (٣) وكذا. في نسخة: (ب). (٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٩٦. و"معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٢٣. و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٣٩٤. (٥) أخرج ابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٠٢. و"تفسير مقاتل" ٦٠ ب.