قال ابن عباس: لما نزل قوله تعالى {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[النساء: ٢٩] ترك الناس مؤاكلة الصغير والكبير وقالوا: لا يحل لأحد منا أن يأكل عند أحد فأنزل الله تعالى {وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ}(١).
أي: ليس عليكم حرج في أنفسكم أن تأكلوا من أموال عيالكم وأزواجكم.
فمعنى {مِنْ بُيُوتِكُمْ} من بيوت أزواجكم وعيالكم، أضاف إليه؛ لأن بيت (٢) المرأة كبيت (٣) الزوج.
ذكر هذا المعنى الفرَّاء (٤) وابن قتيبة.
قال [ابن قتيبة: وقال](٥) بعضهم: أراد أن تأكلوا من بيوت [أولادكم فنسب بيوت](٦) الأولاد إلى بيوت الآباء؛ لأن الأولاد كسبهم وأموالهم كأموالهم، يدلك على أن المراد بالآية (٧) ما ذكرنا: أنَّ الناس لا يتوقون أن يأكلوا من بيوتهم حتى ينفى الحرج عنهم، وأيضًا فإنه عدَّد القرابات وهم أبعد نسبًا من الولد ولم يذكر الولد، وقد قال المفسرون في قوله: {مَا أَغْنَى
(١) ذكره بهذا اللفظ عن ابن عباس: الثعلبي ٣/ ٩٠ أ. ورواه بنحوه أبو عبيد في "الناسخ والمنسوخ" ص ٢٤٣، والطبري ١٨/ ١٦٨، وابن أبي حاتم ٧/ ٧١ أمن طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس. ورواه بمعناه من وجه آخر البيهقي في "السنن الكبرى" ٧/ ٢٧٥. (٢) في (ع): (بنت، كبنت). (٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢٦١. (٤) ساقط من (ظ)، (ع). (٥) في (أ): (يأكلوا). (٦) ساقط من (أ). (٧) في (ظ)، (ع): (كما).