الاختلاف للاختلاف، وقال الكلبي عن أبي صالح عنه (١): خلق الله أهل الرحمة لئلا يختلفوا، وأهل العذاب لأن يختلفوا، وخلق الجنة وخلق لها أهلا، وخلق النار وخلق لها أهلًا.
وروى منصور بن عبد الرحمن الغُدَّاني عن الحسن (٢) {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} قال: الناس مختلفون في الأديان، إلا من رحم ربك فإنه غير مختلف، قال: فقلتُ له: فقوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ}، قال: خلق هؤلاء لرحمته، وخلق هؤلاء لعذابه، وخلق هؤلاء للجنة، وخلق هؤلاء للنار، فعلى هذا الإشارة بقوله (ولذلك) تعود إلى الاختلاف والرحمة، ثم يعبر عنهما بالشقاء والسعادة، فيقال: ولذلك خلقهم أي خلقهم للسعادة والشقاء، وهو قول الفراء (٣) والزجاج (٤).
قال أبو بكر: من ذهب إلى أن {ذَلِكَ} هو إشارة إلى الشقاء والسعادة قال: إنهما يرجعان إلى معنى واحد تقديره: وللامتحان خلقهم، على أنَّا ذكرنا في مواضع أن الإشارة بلفظ (ذلك) إلى شيئين متضادين يجوز، قال أبو عبيد (٥): الذي أختاره في تفسير الآية قول من قال خلق فريقًا لرحمته
(١) الرازي ١٢/ ١٤١، القرطبي ٩/ ١١٥، "زاد المسير" ٤/ ١٧٢. (٢) الطبري ١٢/ ١٤١، وعنده وابن أبي حاتم بلفظ قال: خلق هؤلاء لجنته، وهؤلاء للنار وخلق هؤلاء للنار وخلق هؤلاء لرحمته وهؤلاء لرحمته وهؤلاء للعذاب، والغداني، وهو: منصور بن عبد الرحمن الغُدَّاني الأشل النضري وثقة ابن معبن وأبو داود، وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، يكتب حديثه ولا يحتج به. انظر: "تهذيب التهذيب" ٤/ ١٥٨، "تهذيب الكمال" ٢٨/ ٥٤١. (٣) "معاني القرآن" ٢/ ٣١. (٤) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٨٤. (٥) البغوي ٤/ ٢٠٧، وقال أبو عبيدة.