{هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي}[الكهف: ٩٨] أي فضل، وقالت الخنساء (١):
فذلك يا هند الرزية فاعلمي ... ونيران حرب شب وقودها
أرادت فذلك الرزء، قال: ويجوز أن يكون المراد بالرحمة: التوحيد، فأشير إليها بالتذكير لهذا المعنى، وقد بينا جواز تذكير الرحمة بأبلغ (٢) من هذا عند قوله: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}(٣).
وقال الحسن (٤) ومقاتل بن حيان (٥) ويمان (٦) وعطاء (٧): وللاختلاف خلقهم، يعنون المختلفين.
وفي الآية قول ثالث وهو الاختيار، قال ابن عباس (٨) في رواية عطاء في قوله: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} يريد: خلق أهل الرحمة للرحمة وأهل
(١) "ديوانها" ٤٤، برواية: (ونيران حرب حين شب وقودها) بزيادة حين، وبه يستقيم الوزن. (٢) في (ي): (أبلغ). (٣) الأعراف: ٥٦. وذكر هنالك ما خلاصته: أنه ذهب أهل الكوفة إلى أن التذكير هنا بناءً على تقدير المكان، أي: في مكان قريب، وأما مذهب البصريين فقال الزجاج: "إنما قيل قريب؛ لأن الرحمة والغفران والعفو في معنى واحد، وكذلك كل تأنيث ليس بحقيقي". (٤) الطبري ١٢/ ١٤٣، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٩٦، وأبو الشيخ كما في "الدر" ٣/ ٦٤٥، والثعلبي ٧/ ٦٠ ب والبغوي ٤/ ٢٠٦، والقرطبي ٩/ ١١٥. (٥) الثعلبي ٧/ ٦٠ ب، القرطبي ٩/ ١١٥. (٦) الثعلبي ٧/ ٦٠ ب، القرطبي ٩/ ١١٥. (٧) الثعلبي ٧/ ٥٦٠ ب، القرطبي ٩/ ١١٤، البغوي ٤/ ٢٠٦. (٨) "زاد المسير" ٤/ ١٧٢، وأخرجه الطبري ١٤٣/ ١٢ بمعناه، وابن أبي حاتم ٦/ ٢٠٩٥، وانظر: "الدر" ٣/ ٦٤٥، "تنوير المقباس" ١٤٦.