المعنى سلام] (١)؛ كما قالوا: حِلّ وحلال، وحِرْم وحرام؛ لأن التفسير جاء: سلموا عليه فرد عليهم، وأنشد (٢):
مررنا فقلنا إيه سلم فسلمت ... كما اكتلى (٣) بالبرق الغمام اللوايح
فهذا دليل على أنهم سلموا فردت عليهم، فعلى هذا: القراءتان
بمعنى واحد، وإن اختلف اللفظان، قال أبو علي (٤): ويحتمل أن يكون: سلم، خلاف العدو والحرب، كأنهم قالوا لما كفوا عن تناول ما قدمه إليهم فنكرهم وأوجس منهم خفية قال: أنا سلم ولست بحرب ولا عدو، فلا تمتنعوا عن تناول طعامي، كما يُمتنع من تناول طعام العدو.
وقوله تعالى:{فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ}، قال عبيد بن عمير: مكث إبراهيم خمس عشرة (٥) ليلة لا يأتيه ضيف، فاغتم لذلك، فلما جاءته الملائكة فرأى أضيافًا لم ير مثلهم عجل (٦) فجاءهم بعجل حنيذ، فذلك قوله:{فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ}، قال الفراء (٧): {أَن} في موضع نصب؛ لوقوع {لَبِثَ} عليها كأنك قلت: فما أبطأ عن مجيئه بعجل، فلما ألقيت الصفة وقع الفعل عليها، قال: وقد يكون رفعا بـ (لبث) وتقديرها المصدر، أي فما لبث مجيئه
(١) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٢) لم أهتد إلى قائله. انظر: "معاني القرآن" ٢/ ٢١، اللسان (كل)، اكتل السحاب عن البرق أي لمع به، واللوائح التي لاح برقها أي: لمع وظهر. الطبري ١٢/ ٦٩، "البحر المحيط" ٥/ ٢٤١، ابن عطية ٦/ ٣٤٠، "الدر المصون" ٦/ ٣٥٢. (٣) في (جـ): (أكل)، وفي (ص): (اكبلى)، وفي الفراء ٢/ ٢١: (كما اكتل). (٤) "الحجة" ٤/ ٣٦٤. (٥) في (ي): (خمسة عشر). (٦) ساقط من (ي). (٧) "معاني القرآن" ٢/ ٢١.