لاقيك، لما كان في معنى المنصوب استجيز فيه الابتداء بالنكرة، فمن ذلك قوله تعالى:{سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي}[مريم: ٤٧]، وقوله: {مِنْ كُلِّ بَابٍ (٢٣) سَلَامٌ} [الرعد: ٢٣ - ٢٤]، وقوله:{سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ}[الصافات: ٧٩]، وقد جاء بالألف واللام، قال:{وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى}[طه: ٤٧]،
قال الأخفش (١): من العرب من يقول: سلامٌ عليكم، ومنهم من يقول: السلام عليكم؛ فالذين ألحقوا الألف واللام حملوه على المعهود، والذين لم يلحقوا (٢) حملوه على غير المعهود. وزعم أن منهم من يقول: سلامُ عليكم، فلا ينون، وحمل ذلك على وجهين، أحدهما: أنه [حذف الزيادة من الكلمة كما تحذف الأصل من نحو: لم يك، ولا أدر، والآخر: أنه](٣) لما كثر استعمال هذه الكلمة فيها الألف واللام حذفا منه لكثرة الاستعمال، كما حذف من (اللهم) فقالوا: (لاهم)، وذكرنا معنى السلام في التحية عند قوله:{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ}[الأنعام: ٥٤](٤)، [وقرأ
حمزة والكسائي هاهنا (وقال سِلْم) بكسر السين (٥)، قال الفراء (٦): وهو في
(١) ذكره نقلاً عن "الحجة" ٤/ ٣٦٣. (٢) في (ي): (يلحقوه). (٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٤) الأنعام: ٥٤. وخلاصة ما ذكره أنه يحتمل وجهن، أحدهما: أن يكون مصدر سلمت تسليمًا وسلامًا أي دعوت له بأن يسلم من الآفات في دينه ونفسه، الثاني: أن يكون السلام جمع السلامة بمعنى قولك: السلام عليكم أي السلامة عليكم. (٥) قرأ حمزة والكسائي (قال سلم) بغير ألف بكسر السين وتسكين اللام، والباقون بفتح السين وألف. انظرت "السبعة" ٣٣٨، "إتحاف" ٢٥٨، "الكشف" ١/ ٥٣٤، "الحجة" ٤/ ٣٦٤. (٦) "معاني القرآن" ٢/ ٢١.