ما يقولون ولا يظهر لهم التكذيب، ويكل أمرهم إلى الله -عز وجل (١) -، والله أعلم بما أراد من ذلك.
وقوله تعالى:{وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ}، قال الزجاج:(أي وهو رحمة؛ لأنه كان سبب إيمان المؤمنين)(٢)، فجعله الرحمة لكثرة هذا المعنى منه، وعلى هذا:{وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}[الأنبياء: ١٠٧].
وقرأ حمزة (ورحمةٍ) بالجر (٣)، عطفا على خير، كأنه: أذن خير ورحمة، أي مستمع رحمة، وجاز هذا كما جاز مستمع خير، ألا ترى أن الرحمة من الخير، فإنه قيل: فهلا (٤) استغنى بشمول الخير للرحمة وغيرها عن (٥) تقدير عطف الرحمة عليه؟ فالقول: إن ذلك لا يمتنع، كما لم يمتنع {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ}[العلق: ١]، ثم خص فقال:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ}[العلق: ٢] كذلك الرحمة، وإن كانت من الخير، لم يمتنع أن تُعطف عليه (٦) فتخصص (٧) الرحمة بالذكر من بين ضروب الخير لغلبة ذلك في وصف النبي -صلى الله عليه وسلم- وكثرته، قال أبو عبيد: (هذه القراءة بعيدة في مذهب
(١) وهذا الوجه هو اختيار ابن جرير في تفسيره ١٠/ ١٦٩ حيث قال: يقول جل ثناؤه: إنما محمد - صلى الله عليه وسلم - مستمع خير، يصدق بالله وبما جاء من عنده، ويصدق المؤمنين، لا أهل النفاق والكفر بالله. (٢) اهـ. كلام الزجاج، كما في "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٤٥٧. (٣) كتاب: "السبعة" ص ٣١٥، وكتاب: "التيسير" ص ١١٨. (٤) في (ى): (هلا)، وأثبت ما في (ح) و (م) لموافقة لما في "الحجة للقراء السبعة"؛ لأن النص منقول منه حرفيًّا. (٥) في (ى): (من)، وأثبت ما في (ح) للسبب السابق. (٦) ساقط من (ى). (٧) في (ح): (فتخص).