الملائكة حين نزلت من السماء -وهو روحاني يراهم- نكص على عقبيه فقال له الحارث: يا سراق أفرارًا من غير قتال، فقال (١) له: {إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} ودفع في صدر الحارث وانطلق (٢)، وانهزم الناس (٣)، قال الحسن في قوله:{إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} أي: جبريل معتجرًا (٤) ببرد (٥)، يمشي بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي يده اللجام يقود الفرس، ما ركب (٦).
وقال محمد بن إسحاق: رأى جندًا من الملائكة، أيد الله بهم رسوله والمؤمنين (٧).
وقوله تعالى:{إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ}، قال قتادة وابن إسحاق: صدق عدو الله في قوله: {إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ} وكذب في قوله: {إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ} والله ما به مخافة الله (٨)، ولكن علم أنه لا قوة له ولا منعة، فأوردهم وأسلمهم وتلك عادة عدو الله لمن أطاعه (٩)، وقال الكلبي: خاف أن يأخذه
(١) ساقط من (س) (٢) ساقط من (س). (٣) رواه الثعلبي ٦/ ٦٦ أ، والبغوي ٣/ ٣٦٦. (٤) الاعتجار: أن يلف العمامة على رأسه، ويرد طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئًا تحت ذقنه. انظر: "النهاية في غريب الحديث" (عجر) ٣/ ١٨٥، و"لسان العرب" (عجر) ٥/ ٢٨١٥. (٥) في (ح): (برداء)، وما أثبته موافق للمصادر التالية. (٦) رواه ابن جرير ١٠/ ٢٠، والثعلبي ٦/ ٦٦ أ، والبغوي ٣/ ٣٦٦. (٧) "السيرة النبوية" ٢/ ٣٠٩. (٨) كفر إبليس كفر إباء واستكبار لا كفر جحود وإنكار؛ ولذا لا يستبعد خوفه من عقاب الله فيما دون الهلاك. (٩) ذكر هذا القول عنهما: الثعلبي ٦/ ٦٦ أ، والواقع أنه دمج قوليهما مع اختلافهما في اللفظ. =