أحدهما: أن المراد بالذين اتخذوا العجل: الذين باشروا عبادة العجل.
وقوله تعالى:{سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ}. قال عطاء عن ابن عباس:(يريد: في الدنيا)(١)، يعني: أولئك تيب (٢) عليهم بقتلهم أنفسهم فلا يلحقهم الغضب في الآخرة، وتفسير هذا الغضب في الدنيا قاله أبو العالية؛ قال:(هو ما أمروا به من قتلهم أنفسهم)(٣).
وقوله تعالى:{وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}. قال الزجاج:(الذلة لحقتهم بأنهم رأوا أنهم قد ضلوا فذلوا)(٤). وعلى هذا معنى قوله:{سَيَنَالُهُمْ} -وقد نالهم الغضب و [الذلة](٥)، وهذه السين للاستقبال- هو أن هذه الآية إخبار (٦) عما أخبر الله به موسى حين أخبره بافتتان قومه واتخاذهم العجل، أخبره أيضًا أن أولئك سينالهم غضب وذلة، ويُحتاج إلى تقدير محذوف كأنه قيل: وقلنا لموسى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ} الآية، والقول كثيراً ما يُضمر في الكلام.
الثاني: أن المراد بالذين اتخذوا العجل أبناؤهم الذين كانوا في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا مذهب ابن عباس وعطية العوفي، قال ابن عباس:(هم الذين أدركوا النبي وآباؤهم الذين عبدوا العجل)(٧). وقال في قوله (٨):
(١) لم أقف عليه. (٢) في (ب): (تبت). (٣) ذكره الثعلبي في "تفسيره" ١٩٨ أ، والبغوي ٣/ ٢٨٥. (٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٣٧٩، وفيه: (والذلة ما أمروا به من قتل أنفسهم). (٥) لفظ: (الذلة) ساقط من (أ). (٦) في (ب): (هو أن هذه الأخبار) وهو تحريف. (٧) ذكره الخازن ٢/ ٢٩٢. (٨) في (ب): (في قولهم) وهو تحريف.