وقرأ ابن عامر:{نُشْرًا} خفف الشين كما يقال: كُتْبٌ ورُسْل، وقرأ حمزة والكسائي {نَشْرًا}؛ والنشر مصدر نشرت الشيء ضد طويته، ويراد بالمصدر هاهنا المفعول، والرياح كأنها كانت بانقطاعها كالمطوية فأرسلها الله تعالى منشورة بعد إنطوائها، فقوله:{نَشْرًا} مصدر حال من الرياح، ويجوز أن يكون النشر هاهنا الذي هو الحياة من قولهم: أنشر الله الميت فنشر. قال الأعشى:
يَا عَجَبَا لِلْمَيِّتِ النَّاشِرِ (١)
فإذا حملته على ذلك -وهو الوجه- كان المصدر يراد به الفاعل، كما تقول: أتاني ركضًا أي: راكضًا، ويجوز أن يكون انتصاب قوله:{نَشْرًا} انتصاب المصادر لا الحال من باب (صُنْعَ الله)؛ لأنه إذا قال:{يُرْسِلُ اَلريَاحَ} دل هذا الكلام على نشر الريح نشرًا، وقرأ عاصم {بُشْرًا} جمع بشيرًا على (بُشْر) من قوله: {يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ}[الروم: ٤٦] أي: تبشر بالمطر والرحمة. قال الفراء:(النُشر من الرياح الطيبة اللينة التي تنشئ السحاب)(٢). قال ابن الأنباري: (واحدها نشور، وأصل هذا من النَّشْر
= ريش الجناح مما يلي الظهر، والأسحم: الأسود) اهـ. وانظر: شرحه في "شرح القصائد السبع" لابن الأنباري ص ٣٠٥. (١) "ديوانه" ص ٩٣، و"مجاز القرآن" ٢/ ٧٠، و"الجمهرة" ٢/ ٧٣٤، و"الاشتقاق" ص ٢٤٢، و"تهذيب اللغة" ٤/ ٣٥٧٠، و"الصحاح" ٢/ ٨٢٨، و"الخصائص" ٣/ ٣٢٥، و"مقاييس اللغة" ٥/ ٤٣٠، و"اللسان" ٧/ ٤٤٢٣ (نشر)، و"الدر المصون" ٥/ ٣٤٧ وصدره: حتَى يقول النَّاسُ مِمَّا رَأَوا. وفي "حاشية الديوان": (الناشر الذي بعث من قبره، والمعنى: وعندئذٍ يتعجب الناس مما يرون فيقولون: يا عجبا للميت الذي بعث من جديد) اهـ. (٢) "معاني الفراء" ١/ ٣٨١.