قال (١) أبو إسحاق: أي أرسل إليهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - يعلمهم أن الله عز وجل قد تاب عليهم إن آمنوا وصدقوا (٢).
وقال أبو بكر: ثم تاب الله عليهم بإرساله محمدًا - صلى الله عليه وسلم - داعياً إلى الصراط المستقيم، فكانوا بذلك معرضين للتوبة وإن لم يتوبوا.
وقوله تعالى:{ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ}، أي بعد تبيّن الحق لهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - عمي كثير منهم، خص الله تعالى بعضهم بالفعل الآخر من العمى والصمم، إذ لم يكونوا أجمعوا على خلاف النبي - صلى الله عليه وسلم - (٣)، وارتفع {كَثِيرٌ مِنْهُمْ} بإضمار فعل مقدر يدل عليه: {عَمُوا وَصَمُّوا}، كأنه قيل: عمي وصم كثير منهم. قاله الفراء (٤) وابن الأنباري. وأجازاهما والزجاج أيضًا أن يكون جمع الفعل متقدمًا، كما حكي عن العرب أكلوني البراغيث (٥).
وذكر الزجاج وجهين آخرين: أحدهما: أن يكون {كَثِيرٌ مِنْهُمْ} بدلاً من الواو، كأنه لما قال:{عَمُوا وَصَمُّوا} أبدل الكثير منهم، والثاني أن يكون {كَثِيرٌ مِنْهُمْ} خبر ابتداء محذوف، والمعنى: والعمي والصم كثير منهم (٦).
وقوله تعالى:{وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ}، أي: من قتل الأنبياء وتكذيب الرسل، قاله مقاتل (٧).