فهذه مخففة من الثقيلة، لأن الناصبة للفعل لا يقع بعدها (أن)، ومثل المذهبين في الظن قوله تعالى:{تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا}[القيامة: ٢٥]{إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا}[البقرة: ٢٣٠]. ومن الرفع قوله تعالى:{وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ}[الجن: ٥]{وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا}[الجن: ٧] فأنْ ههنا الخفيفة من الشديدة كقوله: {عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ}[المزمل: ٢٠] لأن (أن) الناصبة للفعل لا تجتمع مع (لن) ومع السين؛ لاجتماع الحرفين في الدلالة على الاستقبال، كما لا يجتمع الحرفان لمعنى واحد، فمن رفع قوله:(أن لا تكون) كان المعنى: أنَّه لا تكون، ثم خففت المشددة وجعلت (لا) عوضًا من حذف الضمير، ولو قلت: علمت أن يقول، بالرفع، لم يحسن حتى تأتي بما يكون عوضًا من حذف الضمير، نحو قد والسين وسوف، كما قال تعالى:{عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ}[المزمل: ٢٠] ووجه النصب ظاهر.
وقوله تعالى:{فَعَمُوا وَصَمُّوا}، أي عن الهدى فلم يعقلوه (١)، قال الزجاج: هذا مثل، تأويله أنهم لم يعملوا بما سمعوا ولا ما رأوا من الآيات، فصاروا كالعمي الصم (٢).
وقوله تعالى:{ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ}، قال الحسن:"فاستنقذهم بمحمد فكذبوه"(٣).