ومعنى (المِنَّة) -على هذا التفسير-: أنه بُعِثَ واحدًا منهم؛ ليكونَ ذلك شَرَفًا لهم (١). ففيه إنعامٌ مِنْ وجهين:
أحدهما: أنه أنقذهم به من النار، وهداهم. والثاني: أنْ جعله منهم. ودليل هذا التأويل، قولُه:{هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ}[الجمعة: ٢].
وقال آخرون (٢): أراد المؤمنين كلَّهم، وعلى هذا معنى قوله:{مِنْ أَنْفُسِهِمْ}؛ أي: إنه واحدٌ منهم، يعرفونه، ويعرفون نَسَبَهُ، ليس بِمَلَكٍ، ولا أحد مِن غيرِ بني آدم.
= وممن ورد عنه أن هذا خاصٌّ في العرب: عائشةُ -رضي الله عنها-. فقد أخرج عنها ابن أبي حاتم في "تفسيره" ٣/ ٨٠٨ أنها قالت -بعد أن قرأت هذه الآية-: (هذه للعرب خاصة). وأورده القرطبي في: "تفسيره" ٤/ ٢٦٤، ونسب إخراجه لأبي محمد عبد الغني، بسنده عنها. وأورده السيوطي في "الدر" ٢/ ١٦٥ وزاد نسبة إخراجه إلى ابن المنذر، والبيهقي في "الشعب". وهو اختيار الطبري في "تفسيره" ٤/ ١٦٣حيث قال: ({مِنْ أَنْفُسِهِمْ} نبيًا من أهل لسانهم، ولم يجعله من غير أهل لسانهم، فلا يفقهوا عنه ما يقول). (١) انظر: "بحر العلوم" لأبي الليث ١/ ٣١٣، و"النكت والعيون" ١/ ٤٣٤. (٢) ممن قال هذا: الزجاج -كما سيأتي-، وذكره الثعلبي في "تفسيره" ٣/ ١٤٣ ب، ولم يعزه لقائل. (٣) من قوله: (أنه) إلى (من قبله) نقله -بتصرف- عن "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٤٨٧. (٤) في (أ)، (ب): (يتأول). والمثبت من (ج)، و"معاني القرآن". (٥) في (أ): (البرهانُ) بضم النون. وفي (ب)، (ج): مهملة، وما أثبته هو الصواب. (٦) في (ب): (قبل).