فَجَعَل (أنا) بين (ها) و (ذا)؛ لتقريبه طاعتهما، والانقياد لأمرهما.
وقال الزَّجاجُ (١): (ها) -ههنا- تَنْبيهٌ (٢) دَخَلَ على (أنتم) و (٣)(أولاء) في معنى: (الذين)، كأنه قيل:(ها أنتم الذين تُحِبُّونَهم ولا يُحِبُّونَكم). فيكون {تُحِبُّونَهُمْ} صِلَةً (٤).
قال (٥): وكُسِرت (أولاء)؛ لأن أصلها السكون، لكن الهمزة كُسِرت؛ لسكونها وسكون الألف. وإنما كان أصلُها السكون؛ لأنها بمنزلة حَرْفِ الإشارة، والحروفُ أصلها السكون.
وسنذكر الفرقَ بين (أولاء) و (أولئك) عند قوله: {فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ}[النساء: ٩٩].
قال المفسرون: هذا خطاب للمؤمنين، أُعلِموا فيه أن منافقي أهلِ الكتابِ (٦) لا يُحِبُّونَهم، وأنهم يَصْحَبونَ هؤلاء المنافقين بالبِرِّ، والنصيحة
(١) في: "معاني القرآن" ١/ ٤٦٣. نقله عنه بمعناه (٢) في (ج): (ها تنبيه ههنا). (٣) (و): ساقطة من (ب). (٤) وفي "البسيط في شرح جمل الزجاجي": ١/ ٣١٠ قال عن هذه الآية: (فيحتمل أن يكون الأصل: (أنتم هؤلاء)، فاعْتُني بحرف التنبيه فقُدِّم، وأن تكون (ها) التنبيه، ولا تكون المقرونة بالإشارة؛ كما تقول: (ها زيد قائمٌ) ولكون هذا بمنزلة قوله سبحانه {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ} [آل عمران: ٦٦]). (٥) أي: الزجاج، في المصدر السابق. نقله عنه معناه. (٦) لم أقف على من خص المراد هنا بمنافقي أهل الكتاب، وإنما قيل في المراد: هم المنافقون، أو اليهود. وقد سبق أن ذكر المؤلف أن المعنِيَّ في هذه الآيات: اليهود والمنافقون معًا، وهو قول لابن عباس ومجاهد، وغيرهم. وقد سبق بيان مصادر هذا القول عند التعليق على شرح المؤلف لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آية: ١١٨]. =