على عهد، فلا يخرجون بالاستثناء (١) عن الذِّلة إلى العِزَّة.
قال (٢): وتمام الكلام عند قوله: {أَيْنَ مَا ثُقِفُوا}، ثم قال:{إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ} أراد (٣): لكن قد يعتصمون بحبل من الله، أو قد يُثْقَفُونَ بحبل من الله، وحَبْلٍ مِنَ الناس كما قال:{وَمَا كاَنَ لِمُؤمِنٍ أَن يَقتُلَ مُؤْمَنًا إِلا خَطأ}[النساء:٩٢]، فـ (الخَطَأ) وإن كان منصوبًا بما عمل فيِه ما قبل الاستثناء، فليس باستثناء مُتَّصل حتى يَدُلَّ على أنَّ قتلَه خطأ مباحٌ (٤)، ولكن معناه: قد يقتله خطأ (٥).
ومَن نَصرَ طريقة أبي العباس، قال (٦): إنَّ عِزَّ (٧) المسلمين عِزٌّ لأهلِ الذِّمَةِ؛ لأنَّ أخْذَهم عَهْدَ المسلمين يَحقِنُ دماءَهم، ويمنع فُرُوجَهم وأموالهم عن الاغتنام بالسَّبْي، ثم هذا [العِزُّ](٨) لا يخرجهم عن الذِّلَّة في أنفسهم، فهم على ما وصفهم الله من الذِّلَّة أينما ثقفوا، وإنْ اعتصموا بالذِّمَة (٩).
وأما التفسير: فقد ذكرنا معضى (الحبل) عند قوله: {وَاعتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}[آل عمران: ١٠٣] وبعض المفسرين يذهب إلى أن حبلَ الله ههنا
(١) في (ج): (بالاستغناء). (٢) في المرجع السابق. نقله بالمعنى. (٣) من قوله: (أراد ..) إلى (بحبل من الله): مكرر في (أ). (٤) في (ج): (ماح). (٥) (خطأ): ساقطة من: (ب). (٦) لم أقف على هذا القائل. وممن ذهب إلى أن الاستثناء منقطع ونصر هذا الرأي: ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٧٠. (٧) في (ج): (إن الله عز). (٨) ما بين المعقوفين: زيادة من (ج). (٩) وهو اختيار ابن عطية في "المحرر الوجيز" ٣/ ٢٧٠ - ٢٧١.