كقوله:{وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلًا فَكَثَّرَكُمْ}[الأعراف: ٨٦]، وقال في موضع آخر:{وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ}[الأنفال: ٢٦]. وإضمارُ (كان)(١) وإظهارُها في مثل هذا، سواءٌ، إلّا أنها إذا ذُكِرت كانت للتأكيد، ووقوع الأمرِ لا مَحالة.
قال ابن الأنباري (٢): وهذا القول ظاهرُ الاختلال؛ لأن (كان) يُلغى (٣) مُوسَّطًا ومُؤَخَّرًا، ولا يُلغَى (٤) مُقدَّما؛ تقول العرب:(عبدُ الله كان قائمٌ) و (عبدُ الله قائمٌ، كان)؛ على أنَّ (كان) مطروحة، ولا يقولون:(كانَ عبدُ الله قائمٌ)، على إلغائها، لأنَّ سبيلهم أن يبدأوا بما [تنصرف الغايةُ إليه، والمُلْغَى غير معني به، على أنَّه لا يجوز](٥) إلغاءُ الكَوْنِ في الآية؛ لانتصاب خبره، وإذا (أُعْمِلَ)(٦) الكَوْنُ في الخَبَرِ، فنصبه، لم يكن مُلغًى.
وقال بعضُ النحويين (٧): إنما قال: {كُنْتُمْ}، ولم يقل:(أنتم)؛
= المؤلف بتصرف يسير. أما الزجاج فلم يذكر هذا المعنى في هذا الموضع. وممن قال بهذا: ابن قتيبة في "تأويل مشكل القرآن" ٢٩٥. وجعله من باب مخالفة ظاهر اللفظ معناه، قال: (ومنه أن يأتي الفعلُ على بِنْيَةِ الماضي وهو دائمٌ أو مُستَقبَل) وذكره. وقال به الطبري، في "تفسيره" ٤/ ٤٥ - ٤٦، وابن فارس، في "الصاحبي" ٣٦٤، ويرويه أبو العباس عن ابن الأعرابي، كما في "تهذيب اللغة" ٤/ ٣٠٨٤ (كون)، وجوزه النحاس في "إعراب القرآن" ١/ ٣٥٧. (١) في (ج): (كل). (٢) لم أقف على مصدر قوله. (٣) في (ب)، (ج): (تلغى). (٤) في (ب)، (ج): (تلغى). (٥) ما بين المعقوفين غير مقروء في (أ). والمثبت من: (ب)، (ج). (٦) في (أ): (عمل). (٧) لم أقف عليهم.