وقوله تعالى:{فَأَنْفُخُ فِيهِ} أي: في الطَّيْر. و (الطَّيْر): يجوز تذكيره، على معنى الجمع، وتأنيثه، على معنى الجماعة.
ولا يجوز أن تعود (٢) الكناية (٣) إلى الطين؛ لأن النفخ إنَّما يكون في طِينٍ مخصوص، وهو: ما كان مُهَيَّأ منه، والطينُ المتقدِّمُ ذكرهُ، عامٌ، فلا تعود إليه الكناية؛ ألا ترى أنه لا يَنْفخ في جميع الطِّينِ (٤)؟. ويجوز أن تعود الكناية على ذي الهيئة. وأريد بـ (الهيئة): ذو الهيئة، كما أريد بـ (القسمة): المقسوم، في قوله:{وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ}[النساء: ٨] لأنه قال: {فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ}(٥)(٦).
(١) قال الثعلبي: (هيأت الشيء: إذا قدَّرته، وأصلحته). تفسيره: ٣/ ٥٢ أ، وانظر (هيأ) في "الصحاح" ١/ ٨٥، "اللسان" ٨/ ٤٧٣٠. (٢) في (ج): (يعود). (٣) يعني بـ (الكناية) هنا: الضمير؛ لأنه يُكْنى به أي: يرمز عن الظاهر، اختصارا، وتسميته بـ (الكناية) من إلطلاقات الكوفيين عليه. انظر "النحو الوافي" ١/ ٢١٧، "معجم المصطلحات النحوية" د. اللبدي: ٧٤. (٤) قال السمين الحلبي، بعد أن ذكر قول الواحدي هذا: (وفي هذا الردِّ نَظَرٌ؛ إذ لقائل أن يقول: لا نسلِّم عموم الطِّينِ المتقدِّم، بل المراد بعضه؛ ولذلك أدخل عليه (مِنْ) التي تقْتضي التبعيض. وإذا صار المعنى: (أني أخلق بعض الطين) عاد الضمير عليه من غير إشكال، ولكن الواحدي جعل (مِن) في {مِنَ الطِّينِ} لابتداء الغاية، وهو الظاهر). "الدر المصون" ٣/ ١٩٤. (٥) (منه): ساقط من: (ج). (٦) [سورة النساء: ٨]. والشاهد هنا: أنَّ الضمير في {مِنْهُ} يعود على القسمة. ولمَّا كان الضمير مذَكَّرا، والقسمة مؤنثة، دلَّ على أن المراد بالقسمة هنا المقسوم =