ولم يقل: أن لي؛ لأن الإبداء بلسانه في معنى القول، قال: ومثله قوله: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ}[المائدة: ٩]، لأن العِدَةَ قولٌ، وإذا جعلت الوصية بمعنى القول لا يحسن أن يقال: أراد أن يا بني فحذف؛ لأنه لا يحتاج إلى إضمار أن مع القول (٢).
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} قال أبو إسحاق: إنما كسرت (إنّ) لأن معنى وصى وأوصى: قول، والمعنى: قال لهم: إن الله اصطفى (٣). قال ابن عباس: إن إبراهيم قال لبنيه: لا تَعْدِلُوا بالله شيئًا، وإن نُشرتم بالمناشير وقُرضتم بالمقاريض وحُرقتم بالنار (٤).
وقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى} يريد: دين الإسلام دين الحنيفية، والألف واللام فيه للعهد لا للجنس؛ لأنه لم يختر جميع الجنس من الدين، إنما اختار دين الإسلام على سائر الأديان (٥).
وقوله تعالى:{فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} قال الفراء في كتاب
(١) الرجز ذكره الفراء، عن الكسائي في "معاني القرآن" ١/ ٨٠، وهو بلا نسبة في "تفسير الطبري" ١/ ٥٦١، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٧، "المخصص" ١٢/ ٢٢٣، "مقاييس اللغة" ٣/ ٢٤٩. (٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٠ (٣) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ٢١١. (٤) ذكره في "الوسيط" ١/ ٢١٦، "تفسير ابن عباس" ص ١٩. (٥) "البحر المحيط" ١/ ٣٩٩.