ومقاتل (١): يعني بكلمة الإخلاص: لا إله إلا الله. والكناية عن غير مذكور جائزة كثيرة، كقوله تعالى:{وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ}[القصص: ٨٠] يعنى: الجنة لم يسبق لها ذكر، وقال:{حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ}[ص: ٣٢] يعني: الشمس.
وقال طرفة (٢)؟
على مثلها أمضي إذا قال صاحبي ... ألا ليتني أَفْدِيكَ منها وأَفْتَدي (٣)
أي: من الفلاة، وقال بعضهم: رجعت الكناية إلى كلمةٍ سبقت، وهو قوله:{أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}(٤).
وقوله تعالى:{يَا بَنِيَّ} قيل: أراد أن يا بني، فحذف (أن) كأنه قال: وصَّاهم أن يا بني، وكذلك هو في قراءة أُبي وابن مسعود، بإثبات أن (٥). قال الفراء: إنمَّا حذف (أن) لأن الوصية قول، وكل كلام رجع إلى القول جاز فيه دخول (أن) وجاز إلقاؤه (٦)، كما قال:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ}[النساء: ١١]، ولم يقل: أن للذكر، كأنّ معناه: قال الله: للذكر، فجرى الوصية على معنى القول. قال: وأنشدني الكسائي:
(١) "تفسير مقاتل" ١/ ١٤٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٣، "تفسير البغوي" ١/ ١٥٣. (٢) هو: طرفة بن العبد بن سفيان البكري، تقدمت ترجمته. (٣) ينظر: "ديوانه" ص ٢٩، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٤ "الإنصاف" لابن الأنباري ص ٨٥، "الدرر اللوامع على همع الهوامع" ٢/ ٢٦٩، والهاء في قوله: (منها) تعود إلى مضمر، وهي الصحراء المهلكة، وهو الشاهد حيث عادت على غير مذكور. (٤) كذا في "البحر المحيط" ١/ ٣٩٨. (٥) كذا في "معاني القرآن" للفراء ١/ ٨٠، "تفسير الثعلبي" ١/ ١٢٠٧، "شواذ القراءة" ص ٣٢، "تفسير القرطبي" ٢/ ١٢٥. (٦) في (م): كأنها (الغاوه).