قال أبو علي (١): قوله: (كُنْ) وإن كان على لفظ الأمر فليس بأمر، ولكنَّ المرادَ به الخبرُ، كأنَّ التقديرَ: يُكَوَّن (٢) فيكون، وقد يَرِدُ لفظ الأمر والمرادُ منه الخبر، كقولهم: أكرمْ بزيدٍ، تأويلُه: ما أكرمَ زيدًا (٣)، والجار والمجرور في موضع رفع بالفعل. وفي التنزيل:{قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلَالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}[مريم: ٧٥] فالتقدير: مدَّه الرحمن. وإذا لم يكن قوله:{كُنْ} خبرًا في المعنى وإن (٤) كان على لفظ الأمر لم يَجُزْ أن ينصبَ الفعلُ بعد الفاء بأنه (٥) جواب. ويدل على امتناع النصب في قوله:{فَيَكوُنُ} أن الجواب بالفاء مضارع للجزاء، يدلُّ على ذلك أنه يؤولُ في المعنى إليه. ألا ترى أن قولك: اذهب فأعطيَكَ، معناه إن تذهب أعطيتُك (٦) ولا يجوز: اذهب فتذهب؛ لأن المعنى يصير: إن ذهبتَ ذهبتَ، وهذا كلامٌ لا يفيد كما يفيد إذا اختلف الفاعلان والفعلان، نحو: قُمْ فأُعطيَك؛ لأنَّ المعنى: إن قُمتَ أعطيتُك، ولو جعلتَ الفاعل في الفعل الثاني فاعِل الفعل الأول، فقلت: قُم فتقومَ، أو أعطِني فتعطيني، على قياس قراءة ابن عامر، لكان المعنى: إن قمت تقم، وإن تُعطِني تعطِني، وهذا كلامٌ في قلةِ الفائدة على ما تراه.
فأمَّا مَنِ احتج له فإنه يقول: اللفظ لما كان على لفظ الأمر وإن لم
(١) في "الحجة" للفراء السبعة ٢/ ٢٠٣. (٢) في (ش): (فكون). (٣) في الأصل: زيد، والمثبت من "الحجة". (٤) في (م): (وإذا). (٥) في (ش): (لأنه). (٦) من قوله: معناه .. ساقطة من (ش).