عنه، ومشهورٌ في كلام العرب أن يرى الرجلُ منهم الرجلَ فيقول له: كن أبا فلان، أي: أنت أبو فلان. فكذلك قوله:{كُنْ فَيَكُونُ} معناه: كن بتكويننا إياك، فالمأمور بهذا لا قدرة له على دفعِه، ولا صنع له فيه، كما أن الذي يقال له: كن أبا فلان، لا صنع له في ذلك بفعل ولا عزم ولا غير ذلك مما يكون من الفاعلين (١).
وقوله تعالى:{فَيَكُونُ} قال الفراء (٢): والكسائي (٣) وأبو إسحاق (٤): رفعه من وجهين: أحدهما: العطف على (يقول)، ومثله {يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذَابُ فَيَقُولُ}(٥)[إبراهيم: ٤٤].
الثاني: أن يكون رفعه على الاستئناف، المعنى: فهو يكون؛ لأنَّ الكلامَ تمَّ عند قوله:(كن) ثم قال: فسيكون (٦) ما أراد الله. قال الفرَّاءُ: وإنه لأحبُّ الوجهين إلي (٧)، وقرأ ابن عامر وحده (فيكونَ) بنصب النون (٨).
(١) ينظر تفصيل المسألة في: "تفسير الطبري" ١/ ٥٠٨ - ٥١١، "البحر المحيط" ١/ ٣٦٤ - ٣٦٦ وقد رجح الطبري في "تفسيره" أن الأمر هنا عام في كل ماقضاه الله وبرأه مما هو موجود، فيقال له: كن قال: فغير جائز أن يكون الشيء مأمورًا بالوجود مرادًا كذلك إلا وهو موجود، ولا أن يكون موجوداً إلا وهو مأمور بالوجود مراد كذلك. (٢) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٤. (٣) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥. (٤) "معاني القرآن" للزجاج ١/ ١٩٩. (٥) وهذا الذي اختاره الطبري في "تفسيره" ١/ ٥١١. (٦) في (م): (فيكون). (٧) "معاني القرآن" للفراء ١/ ٧٥. (٨) ينظر كتاب: "السبعة" ١٦٨، "الحجة" ٢/ ٢٠٣.