ابتدأت فتحه، كما يبتدأ الدخول إلى الشيء بفتح بابه، ومنه: الفتّاح للحاكم؛ لأنه يفتح القضيّة المستغلقة (١). وأما (يستفتحون) بمعنى: يستنصرون، فهم يسألون الفتح.
ومعنى قوله:{بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ} قال ابن عَبَّاسٍ (٢) وأبو العالية (٣) والحسن (٤) وقتادة (٥) أي: من العلم بصفةِ محمد - صلى الله عليه وسلم - المبشَّر به ونعتِهِ.
وقوله تعالى:{لِيُحَاجُّوكُمْ} معنى المحاجة: المجادلة والمخاصمة. وأصل الكلمة: من القصد، ومنه: حَجَّ البيتَ، والحجة: النكتة (٦) التي هي القصد في تصحيح الأمر، والمحجة: الطريقُ القاصدُ بك إلى الغرض الذي تؤمّه (٧).
ومعنى قوله:{لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ} أي: ليجادلوكم، يعني: أصحاب محمد، ويقولون: قد أقررتم أنه نبي حقٌّ في كتابكم ثم لا تتّبعونه، فهذه حجة لهم عليكم (٨).
وقوله تعالى:{عِندَ رَبِّكُم} قال أبو بكر (٩): معناه: في حكم ربكم، كما تقول: هذا حلال عند الشافعي، أي: في حكمه، وهذا يحل عند الله:
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ٢/ ٢٥٤ "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٥، "القرطبي" ٢/ ٣. (٢) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٠. (٣) أخرجه الطبري في "تفسيره" ١/ ٣٧٠، و"ابن أبي حاتم" ١/ ٧٨١. (٤) بنحوه أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ٧٨٥، ٧٨٧. (٥) أخرجه الطبري ١/ ٣٧٠ بأسانيد عن قتادة. (٦) في (م): (النكة). والنكتة هي النقطة. (٧) ينظر: "تهذيب اللغة" ١/ ٧٤٤ - ٧٤٦ مادة حج، "مقاييس اللغة" ٢/ ٢٩ - ٣١. (٨) ينظر: "تفسير الثعلبي" ١/ ٩٩٦. (٩) يعني: ابن الأنباري.