وقوله تعالى:{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أي: يعلمون أنّ الذي حرفوا ليس من قبل الله، إنما هو مفتعل من جهتهم. أعلمنا الله تعالى أنهم لم يحرفوا ما سمعوا على جهة النسيان والخطأ، بل جهة القصد والتعمد. وقيل:{وَهُمْ يَعْلَمُونَ} أن الذي يفعلونه مُكسِبٌ للأوزار (١).
وقوله تعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا} قال ابن عباس (٢) والحسن (٣) وقتادة (٤)(٥): يعني منافقي اليهود، كانوا إذا رأوا المؤمنين قالوا: آمنّا بمحمد أنه نبي صادق نجده في كتابنا، فإذا رجعوا إلى رؤسائهم لاموهم على ذلك (٦).
وقالوا:{أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}. ومعنى التحديث: الإخبار عن حوادث الزمان. وأصل الفتح: نقيض الإغلاق، ثم يدخل في هذا فتح البلاد، وفتح المِغْلاق، وفتح المُشكل من الحكم، وفتح الباب، وكلّ مَا بَدَأتَ به فقد استفتحته، وبه سميت فاتحة الكتاب، ومعنى استفتحته:
(١) ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٨، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٤٩، "زاد المسير" ١/ ١٠٤. (٢) رواه الطبري في تفسيره ٢/ ٢٤٩، ٢٥٠. (٣) رواه ابن أبي حاتم في "تفسيره" ١/ ١٥١. (٤) رواه الطبري في تفسيره بمعناه عنه ١/ ٣٦٩، وذكره ابن أبي حاتم ١/ ١٤٩، وابن الجوزي في "زاد المسير" ١/ ٩٠. (٥) أخرج أثر ابن عباس: ابن جرير الطبري ١/ ٣٦٩. وأخرج ابن أبي حاتم أثر الحسن ١/ ٧٨٥، وذكره عن قتادة ١/ ٧٧٩، ٧٨٧، ونسبه السيوطي في "الدر المنثور" ١/ ١٥٧ إلى عبد بن حميد. (٦) روي هذا القول أيضًا عن السدي وأبي العالية، والربيع بن أنس، ومجاهد وعطاء وابن زيد، ينظر: "تفسير الطبري" ١/ ٣٦٩ - ٣٧٠، "ابن أبي حاتم" ١/ ١٤٩ - ١٥٠ "زاد المسير" ١/ ١٠٤، "الدر المنثور" ١/ ١٥٧.