وقال أبو علي الفارسي: من نصب {عَالِيَهُمْ} احتمل النصب أمرين: أحدهما: أن يكون حالاً، والعامل فيه أحد شيئين: إما: (لَقَّاهُمْ) من قوله: {وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً}، وإما {وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا}، ومثل قوله:{عَالِيهُم} في كونه حالًا قوله: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا}، و {ثِيَابُ سُنْدُسٍ} مرتفعة باسم الفاعل قال: وقد أجيز أن يكون ظرفًا؛ لأنه لما كان (عالِ) بمعنى فوق (١) أجري مجراه في هذا، وهذا الوجه أبين، وهو أن (عال) صفة جُعل ظرفًا، كما كان قوله:{وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}(٢) كذلك، وكما قالوا: هو ناحيةً من الدار.
ومن قرأ:(عَالِيهِم) فأسكن الياء (٣) في موضع رفع الابتداء، و {ثِيَابُ سُنْدُسٍ} خبره، ويكون اسمه في وضع الجماعة، كما أن الخبر جماعة، وفاعل قد يراد (به)(٤) الكثرة كما قال:
ألا إنَّ جيراني العشيّةَ رائِح ... دَعَتْهُم دواع من هوًى ومنادِحُ (٥)
وفي التنزيل:{مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سَامِرًا تَهْجُرُونَ}[المؤمنون: ٦٧]، {وقطع دابر القوم}(٦) كأنه أفرد حيث جعل بمنزلة المصدر، وقد قالوا: الجامِل
(١) في (ع): كان، وهي زيادة من الناسخ لا داعي لها. (٢) سورة الأنفال: ٤٢. (٣) قرأ بذلك: نافع، وحمزة، وأبو جعفر. انظر: "الحجة" ٦/ ٣٥٤، "حجة القراءات" ٧٣٩، "الكشف عن وجوه القراءات السبع" ٢/ ٣٥٤، "النشر" ٢/ ٣٩٦، "إتحاف فضلاء البشر" ٤٢٩. (٤) ساقطة من (أ). (٥) البيت غير منسوب في: "المحتسب" ٢/ ١٥٤، "الهمع" ٢/ ١٨٢ ط. دار المعرفة، وأصل منادح: مناديح؛ لأنه جمع مندوحة. (٦) في (أ): ويقطع. سورة الأنعام: ٤٥.