والمعني: جعلهم فرقًا وأصنافًا في الخدمة (١)، والتسخير (٢){يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ} قال ابن عباس: وهم أسباط النبوة، يعني: بني إسرائيل (٣).
ثم فسر ذلك الاستضعاف فقال:{يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ} قال المفسرون: يقتل أبناءهم، ويترك بناتهم فلا يقتلهن (٤)؛ وذلك لأن بعض الكهنة قال له: إن مولودًا يولد في بني إسرائيل يكون سبب ذهاب ملكك (٥).
قال أبو إسحاق: والعجب من حمق فرعون؛ إن كان هذا الكاهن عنده صادقًا فلا ينفع القتل، وإن كان كاذبًا فما معنى القتل (٦).
وقوله:{إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} أي بالعمل في الأرض بالمعاصي. قاله ابن عباس ومقاتل (٧). وقال الكلبي: من المفسدين بالقتل (٨).
(١) "غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٨. (٢) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، ولم ينسبه. وأخرج ابن جرير ٢٠/ ٢٧، عن قتادة في قوله تعالى: {وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا} أي: فرقًا، يذبح طائفة منهم، ويستحيي طائفة منهم، ويعذب طائفة، ويستعبد طائفة. (٣) "تفسير الثعلبي" ٨/ ١٣٩ ب، و"غريب القرآن" لابن قتيبة ٣٢٨، ولم ينسبه. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٧، وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٩، عن السدي في خبر طويل. (٤) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. وأخرجه ابن جرير ٢٠/ ٢٧, وابن أبي حاتم ٩/ ٢٩٣٨, عن السدي. (٥) أخرجه عبد الرزاق ٢/ ٨٧ عن قتادة. و"تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"تاريخ الطبري" ١/ ٣٨٧، عن ابن إسحاق. (٦) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ١٣٢. (٧) "تفسير مقاتل" ٦٣ أ. و"تفسير الطبري" ٢٠/ ٢٨، ولم ينسبه. (٨) "تنوير المقباس" ٣٢٣. وما ذكره الواحدي هنا أمثلة لإفساد فرعون؛ قال ابن جرير ٢٠/ ٢٨: إنه كان ممن يفسد في الأرض بقتله من لا يستحق القتل، واستعباده من ليس له استعباده، وتجبره في الأرض على أهلها، وتكبره على عبادة ربه.