والمذهب الآخر: أن خيرًا يراد به التفضيل، روي عن ابن عباس:{فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} يعني: الثواب؛ لأن الطاعة: فعل العبد، والثواب: فعل الله سبحانه وتعالى. وقيل:{فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} يعني: رضوان الله، قال الله تعالى:{وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ}[التوبة: ٧٢].
وقال القرظي وابن زيد:{فَلَهُ خَيْرٌ مِنْهَا} يعني: الأضعاف يعطيه الله بالواحدة عشرًا فصاعدًا، وهذا خير منها. وعلى هذا الذي قالا، يجب أن يكون تفسير الحسنة: الفِعَلة الحسنة من صلاة وصدقة وتسبيحة، فيضعفها الله تعالى حتى تكتب أضعاف ما عمل، فيكون الإضعاف خيرًا مما عمل.
قوله تعالى:{وَهُمْ مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ} قرئ بالإضافة، وبالتنوين في {فَزَعٍ}(١). واختار أبو عبيد: الإضافة؛ قال: لأنه أعم التأويلين؛ وهو أن يكون الأمن من جميع فزع ذلك اليوم. وإذا قال:{مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} صار كأنه فزع دون فزع. واختار الفراء الإضافة أيضًا؛ قال: لأنه فزع معلوم، ألا ترى أنه قال:{لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ}[الأنبياء: ١٠٣] فصيَّره معرفة، وإذا أضفته كان معرفةً، فهو أعجب إلى (٢).
قال أبو علي: إذا نون {فَزَعٍ} يجوز أن يُعنى به: فزعًا واحداً، ويجوز أن يُعنى به كثرة؛ لأنه مصدر، والمصادر تدل على الكثرة، وإن كانت منفردة الألفاظ، كقوله:{إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} [لقمان:
(١) قرأ ابن كثير وأبو عمرو ونافع وابن عامر: {مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} بالإضافة، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي: {مِنْ فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ} بالتنوين. "السبعة في القراءات" ٤٨٧، و"الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٤٠٨، و"النشر في القراءات العشر" ٢/ ٣٤٠. (٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣٠١. وهو اختيار ابن جرير ٢٠/ ٢٣