الشيطان في الآخرة خذولًا للإنسان، يعني: الكافر، يتبرأ منه (١). هذا قول مقاتل (٢). وأما قول ابن عباس، وهو (٣): أن هذا الخذلان من الشيطان للكافرين في الآخرة (٤).
وقال الكلبي: يعني خذلان إبليس للمشركين ببدر، وكان معهم في صورة سراقة بن مالك، فلما عاين الملائكة تبرأ منهم. وهو قوله تعالى:{نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ}[الأنفال: ٤٨](٥).وقُتل عقبة بن أبي معيط، يوم بدر صبرًا (٦) ولم يقتل من الأسارى غيره، وغير النضر بن الحارث (٧).
(١) أخرج نحوه ابن أبي حاتم ٨/ ٢٦٨٧، عن قتادة. قال الثعلبي ٨/ ٩٥ ب: وحكم هذه الآيات عام في كل متحابين اجتمعا على معصية الله -عَزَّ وَجَلَّ- وذكر البغوي ٦/ ٨٢، بعد تفسيره لهذه الآيات جملة من الأحاديث النبوية في الجليس الصالح، والجليس السوء. (٢) يوهم صنيع الواحدي -رحمه الله- هنا أن مقاتل يقول بالعموم، وليس الأمر كذلك، بل قيد الإنسان كما في تفسيره ٤٥ أ، بعقبة. ثم قال: ونزل فيهما: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} [الزخرف: ٦٧]. ونحوه في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٦٨، عن ابن عباس رضي الله عنهما، من طريق: مِقْسَم. (٣) في جميع النسخ: (وهو)، والمناسب للسياق: فهو. (٤) في "تنوير المقباس" ص ٣٠٢، جعله عامًا في خذلانه عندما يحتاج إليه. (٥) ليس هناك تعارض فيما ذكره الواحدي -رحمه الله- وليس في هذه الأمثلة ما يدل على أن هذا من كلام الكافر. وقد اقتصر في: "الوسيط" ٣/ ٣٣٩، و"الوجيز" ٢/ ٧٧٨، على أن الإنسان في الآية: الكافر. (٦) يقال: قُتل فلانٌ صبرًا، معناه: حبسًا، ومن ذلك الصوم، سمي صبرًا، لانه حبس للنفس عن المطاعم، والنكاح، والملتذ من الشهوات. "الزاهر في معاني كلمات الناس" ٢/ ٢٠١. (٧) "تفسير مقاتل" ص ٤٥ أ. وأخرج ابن إبي حاتم ٨/ ٢٦٨٧، عن السدي أنهما قتلا =