وقوله تعالى:{وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}. (الهبوط) النزول من علو إلى سفل، وهو ضد الصعود (١)، وهو خطاب لآدم، وحواء، والحية، وإبليس (٢) على قول من يقول: إن إبليس أدخلته الحية الجنة (٣).
وقال أبو إسحاق: كان إبليس أهبط أولاً، لأنه قال:{فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ}[الحجر: ٣٤]، وأهبط آدم وحواء بعد ذلك، فجمع الخبر للنبي -عليه [الصلاة](٤) والسلام لأنهم اجتمعوا في الهبوط وإن اختلف بهم الوقت (٥).
وقال ابن الأنباري: مذهب الفراء أن {اهْبِطُوا} خطاب لآدم وحواء وذريتهما لأن الأب يدل على الذرية إذ كانوا منه (٦).
وقيل: إنه خطاب لآم وحواء. والعرب تخاطب الاثنين بالجمع، لأن التثنية أول الجمع، ومثله من التنزيل قوله:{وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}[الأنبياء:٧٨]، يريد حكم داود وسليمان، وقوله:{فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ}
(١) انظر: "تهذيب اللغة" (هبط) ٤/ ٢٧٠٦، "تفسير ابن عطية" ١/ ٢٥٧، و"القرطبي" ١/ ٢٧٢، "زاد المسير" ١/ ٦٨. (٢) أخرجه ابن جرير عن ابن عباس وأبي صالح، والسدي، ومجاهد، انظر "تفسير الطبري" ١/ ٢٤٠، "تفسير وابن أبي حاتم" من طريق السدي عن ابن عباس ١/ ٨٨ - ٨٩، وذكره أبو الليث في "تفسيره" ١/ ١١٢، و"الثعلبي" ١/ ٦١ أ، و"ابن عطية" عن السدي ١/ ٢٥٧، وانظر: "التعريف والإعلام" للسهيلي ص ١٩، "غرر التبيان" ص ٢٠١، و"زاد المسير" ١/ ٦٨. (٣) وهي روايات إسرائيلية كما قال ابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٥، انظر ما سبق. (٤) (الصلاة): ساقط من جميع النسخ. (٥) "معاني القرآن" للزجاج ص ٤٨. (٦) "معاني القرآن" للفراء: (قوله: {وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} فإنه خاطب آدم وامرأته، ويقال أيضًا: آدم وإبليس، وقال (اهبطوا) يعنيه ويعني ذريته فكأنه خاطبهم) ١/ ٣١.