ويدل على هذا التأويل قوله تعالى:{فَأَخْرَجَهُمَا} فَكما أن خروجه عن الموضع الذي كان فيه انتقال منه إلى غيره، كذلك عثاره فيه وزليله (٢).
وقرأ حمزة:(فأزالهما)(٣). وحجته أن قوله:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة: ٣٥] أمر لهما بالثبات، وتأويله:(اثبتا) فثبتا، فأزالهما الشيطان، فقابل الثبات بالزوال الذي هو خلافه. وفي الآية على هذا التقدير إضمار، كقوله:{أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ}[الشعراء:٦٣] أي: فضرب فانفلق، ومثله:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ}[البقرة: ١٩٦]، أي: فحلق ففدية. ونُسب الفعل إلى الشيطان، لأن زوالهما عنها إنما كان بتزيينه وتسويله فلما كان ذلك منه بسبب، أسند الفعل إليه، كقوله:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى}[الأنفال: ١٧] لما كان الرمي بتقوية الله وإرادته وخلقه نسبه إلى نفسه. ومما يقوي هذه القراءة قوله:{فَأَخْرَجَهُمَا} وأخرجهما في المعنى قريب من (فأزالهما)(٤).
(١) وقوله: (أو فياله): هو صاحب الفيل الذي يسوسه، زحل: زل، يقول: لو يقوم الفيل أو صاحبه زل عن مكاني، قيل: هذا البيت مما عيب على لبيد، لظنه القوة الهائلة في صاحب الفيل، انظر: "ديوان لبيد" مع شرحه ص ١٩٤. (٢) "الحجة" لأبي علي٢/ ١٨. (٣) "السبعة" لابن مجاهد ص ١٥٤، "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٤، "النشر" ٢/ ٢١١، "البدور الزاهرة" ص ٣٠. (٤) في (ب): (فأزلهما). "الحجة" لأبي علي ٢/ ١٥، وانظر: "حجة القراءات" لابن زنجلة ص ٩٤، "الكشف عن وجوه القراءات" لمكي١/ ٢٣٦، "الحجة" لابن خالويه ص ٧٤.