تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} ففصَّل الثلاث بهذه الأوقات، ثم أجمل بعد التفصيل فقال:{ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ}، فأعلم أنها عورات، والمعنى: هي ثلاث عورات [أو هذه ثلاث عورات](١) فهي خبر ابتداء محذوف. ومن قرأ (ثلاث عورات) بالنصب (٢) جعله بدلاً من قوله (ثلاث مرات).
فإن قيل: قوله: (ثلاث مرات) زمان، بدلالة أنَّه فسر بزمان -على ما بيَّنا- وليس العورات بزمان، فكيف يصح البدل منه؟ وليس هي هي.
قيل: يكون ذلك على أن يُضمر (٣) الأوقات كأنه: أوقات ثلاث عورات، فلما حذف المضاف أعرب ما كان يقع الإضافة إليه بإعراب المضاف، فعلى هذا يوجَّه (٤)(٥).
والاختيار في العورات إسكان الواو، وحكم ما كان على فَعْلَه: من الأسماء أن تُحرك العين منه في فعلات نحو: صحفة (٦) وصحفات، وجفنة (٧) وجفنات. إلَّا أن التَّحريك فيما كان العين منه ياءً أو واوًا كرهه
(١) ساقط من (أ). (٢) قرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: "ثلاث عورات" بنصب (ثلاث)، وقرأ الباقون بالرفع. "السبعة" ص ٤٥٨، "التبصرة" ص ٢٧٤، "التيسير" ص ١٦٣. (٣) في (ظ): (ضمير). (٤) في (أ): (الوجه). (٥) "معاني القرآن" للزجاج ٤/ ٥٢، و"الحجة" لأبي علي الفارسي ٥/ ٣٣٣. (٦) وقع في المطبوع من "الحجة": صحيفة. وهو خطأ. والصَّحفة: شبه قصعة مُسْلَنطحة عريضة، وهي تشبع الخمسة ونحوهم. "لسان العرب" ٩/ ١٨٧ (صحف). (٧) الجَفْنة: هي أعظم ما يكون من القصاع. "لسان العرب" ١٣/ ٨٩ (جفن).