وقوله تعالى:{إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}. (الغيب) مصدر مضاف إلى المفعول (١) على الاتساع، وحذف حرف الجر، لأنك تقول: غبت في الأرض، وغبت ببلد كذا، فتعديه بحرف الجر، فحذف الحرف وأضيف المصدر إلى المفعول به في المعنى، نحو:{مِنْ دُعَاءِ الْخَيْرِ}[فصلت: ٤٩] و {بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ}[ص: ٢٤] وكقولك: (أعجبني منك دخول الدار).
وفيه أيضا مضاف مقدر، والمعنى: إني أعلم ذوي غيب السموات والأرض ما غاب فيها [عنكم، ومثله على هذا التقدير قوله:{وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}(٢) أي: له ما غاب فيها] (٣) ملكاً وخلقاً.
ويجوز أن يكون له علم ما غاب (٤) فيها، فيكون المضاف محذوفاً.
وقوله تعالى:{وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ}. أي: أعلم سرّكم وعلانيتكم، لا يخفى علي شيء من أموركم (٥).
وقال ابن عباس: ما تبدون من قولكم: (أتجعل فيها من يفسد فيها)، (وما كنتم تكتمون) من إضمار إبليس الكفر (٦).
وعلى هذا التأويل قال:(تكتمون) بلفظ الجمع، وإن كان المراد به
(١) في (ب): (المفعول به). (٢) سورة هود: ١٣٢، وسورة النحل: ٧٧. (٣) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٤) انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢١٤. (٥) انظر: "تفسير الطبري" ١/ ٢٢٢، و"تفسير ابن كثير" ١/ ٨٠ (٦) أخرجه ابن جرير بسنده من طريق السدي، عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة في "تفسيره" ١/ ٢٢٢، وابن كثير في "تفسيره" ١/ ٨٠، "الدر" ١/ ١٠١.