بالخراب؛ فيتعظوا بذلك، ويخافوا من عقوبة الله وبأسه، مثل الذي (١) نزل بهم. ونحو هذا قوله {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ}[الأحقاف: ٢٥]. انتهى كلامه (٢).
ثم ذكر الله تعالى أنَّ (٣) أبصارهم الظاهرة لم تعم عن النظر، وإنما عميت أبصار (٤) قلوبهم فقال: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ}.
قال الفراء: الهاء هاء عماد يوفى (٥) بها "إنَّ" ويجوز مكانها "إنَّه"، وكذلك هي في قراءة عبد الله (٦).
وقال غيره: هي إضمار على شريطة التفسير. والمعنى: فإنَّ الأبْصار لا تعمى. ويجوز أن تكون الهاء لإضمار القصة. وذكرنا هذه الأقوال مشروحة في تفسير قوله {فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا}[الأنبياء: ٩٧].
وقوله:{الَّتِي فِي الصُّدُورِ} ذكر الفراء وأبو إسحاق (٧): أن هذا من التوكيد الذي تزيده العرب في الكلام، كقوله {تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ}[البقرة: ١٩٦]. وقوله:{يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ}[آل عمران: ١٦٧]، وقوله {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ}[الأنعام: ٣٨]. والتوكيد جار في الكلام مبالغ في الإفهام.
وقال غيرهما: هذا التوكيد فائدته أنه يمنع من ذهاب الوهم إلى غير