وهذا كما ذكرنا (١) في قوله {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا}[الكهف: ٣٠].
قال الفراء: وإنما جاز هذا لأن الاسمين قد اختلفا، فحسن رفض الأول وجعل الثاني كأنه هو المبتدأ، فحسن لاختلاف اسمي (٢)(إن)، ولا يجوز: إنك إنك (٣) قائم، ولا: إن أباك إنه قائم؛ لاتفاق الاسمين (٤).
قال الزجاج: وليس بين البصريين خلاف في أن (إن)(٥) تدخل على كل ابتداء وخبر، تقول: إن زيدًا إنه قائم (٦).
فأجاز أبو إسحاق ما استقبحه الفراء ولم يجزه.
وقال صاحب النظم: لما قال {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} وما تبع ذلك (٧) من الكلام وطال صارت (إن) كأنها مُلغاة لتباعدها عن خبرها (٨) فأعاد (٩) ذكرها عند الجواب؛ ليعلم أن الجواب متصل بالابتداء توكيدًا للشرح. قال: ويجوز أن يكون إنما وجب أن يقدم ذكر الله -عَزَّ وَجَلَّ- في مبتدأ الخبر (١٠) على نظم: إن الله يفصل (١١) يوم القيامة بين الذين آمنوا والذين
(١) في (ع): (ذكره)، وهو خطأ. (٢) في (أ): (إسم). (٣) إنك (الثانية): ساقطة من (ظ). (٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٢١٨ مع تصرف واختلاف في العبارة. (٥) (إن): ساقطة من (ظ). (٦) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٤١٨. (٧) ذلك: ساقطة من (ظ)، (د)، (ع). (٨) في (أ): (حيزها). (٩) في (أ): (وأعاد). (١٠) في (أ): (الخير). وهو تصحيف. (١١) في (ظ) زيادة (بينهم) بعد قوله (يفصل).