وقوله تعالى:{فَلَا يَخَافُ} في موضع جواب الشرط، والمبتدأ محذوف مراد بعد الفاء، المعنى: فهو لا يخاف (١). وهذا كقوله:{وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ}[المائدة: ٩٥]، {وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا}[البقرة: ١٢٦]، {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ}[الجن: ١٣].
وقرأ ابن كثير: فلا يخف على النهي (٢). وهو حسن؛ لأن المعنى: ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فيأمن؛ لأنه لم يفرط فيما وجب عليه، ونهيه عن الخوف أمر بالأمن، ولفظ الآية في قوله: فلا تخف على النهي، والمراد الخبر بأن المؤمن الصالح لا خوف عليه، وإذا كان كذلك كان معنى القراءتين واحد (٣).
وقوله تعالى:{ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} قال الفراء: (تقول العرب: هضمت لك من حقي أي: تركته)(٤).
وقال المبرد، والزجاج:(الهضم النقص، يقال: فلان هضمني حقي، أي: نقصني، وكذلك هذا يهضم الطعام أي: ينقص ثقله)(٥). ومنه للدواء هَاضوم؛ لأنه يقع في الطعام الذي كظ فيهضمه، وقيل للخميص
(١) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٥٢. (٢) قرأ نافع، وابن عامر، وأبو عمرو، وعاصم، وحمزة، والكسائي: (فلا يخاف) بالألف على الخبر. وقرأ ابن كثير المكي: (فلا يخف) على النهي. انظر: "السبعة" ص ٤٢٤، "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٥١، "حجة القراءات" ص ٤٦٤، "المبسوط في القراءات" ص٢٥٠. (٣) "الحجة للقراء السبعة" ٥/ ٢٥٢. (٤) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٩٣. (٥) "معاني القرآن" للزجاج ٢/ ٣٧٧.