وقوله تعالى:{وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ}[الرعد: ٢٥] يعني الأرحام (١)، وذلك أنّ قريشاً قطعوا رحم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمعاداة معه (٢).
وقيل: هو الإيمان بجميع الرسل والكتب، وهو نوع من الصلة، لأنهم قالوا:{نُؤمِنُ بِبَعضٍ وَنَكفُرُ بِبَعضٍ}[النساء: ١٥٠] فقطعوا. وهذا الوجه هو قول ابن عباس ذكره في الآية التي في (الرعد)(٣)، وقال: المؤمن لا يفرق [بين أحد من رسله فوصلوا (٤).
قال الزجاج: وموضع {أَنْ يُوصَلَ} خفض على، (٥) البدل من (الهاء) المعنى: ما أمر الله أن يوصل (٦).
{وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ} بالمعاصي، وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم (٧).
وقوله تعالى:{أُوْلئِكَ هُمُ الخاَسِرُونَ}. أصل الخسران في التجارة
(١) رجح "الطبري" هذا القول ١/ ١٨٥، وانظر الثعلبي ١/ ٥٥٥ ب، "تفسير أبي الليث" ١/ ١٠٥، "زاد المسير" ١/ ٥٧، وابن كثير ١/ ٧٠. (٢) وهي عامة لكل قاطع لما أمر الله بوصله، انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥. (٣) وهي قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ}. (٤) وصلوا بينهم الإيمان بجميع الرسل. انظر: "الوسيط" ١/ ٦٩. والرواية عن ابن عباس ذكرها أبو الليث من طريق الضحاك وعطاء، في آية (البقرة) ولم أجد أحدًا - فيما اطلعت عليه- ذكرها في الرعد، الظر: "الطبري" ١٣/ ١٣٩ - ١٤٠، وقد ذكر الثعلبي١/ ٥٩ ب، والبغوي ١/ ٧٧، كلام ابن عباس بمعناه ولم ينسباه. (٥) ما بين المعقوفين ساقط من (ب). (٦) انتهي كلام الزجاج، "معاني القرآن" ١/ ٧٣، وفيه (بأن يوصل). (٧) انظر: "الطبري" ١/ ١٨٥، والثعلبي ١/ ٥٩ ب.