أثقل الحركات (١)، وكذلك قوله:{لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ}[الروم: ٤]، تأويله: من قبل كل شيء وبعده (٢).
وهذا مذهب الفراء (٣) والمبرد (٤)، واختيار ابن الأنباري، لأنه قال: العرب إذا وجدت الحرف مؤدياً عن معنيين ألزموه الضم، كقولهم (٥): (نحن)، ألزموه الضم (٦)، لأنه يؤدي معنى التثنية والجمع، وكذلك (قط) يؤدي عن زمانين كقوله: ما رأيته قط، معناه من أول أوقاتي (٧) إلى الساعة، وسمعت أبا الحسن (٨) الضرير النحوي -رحمه الله- يقول: إنما بني على الضم دون غيره من الحركات، لأنه لما أعرب (٩) عند الإضافة نحو: (قبلك ومن قبلك) بالنصب والخفض لم يبق عند الإفراد والبناء إلا الضم فبني عليه (١٠)، وهذا معنى قول الزجاج، لأنه يقول: ضم (قبل) لأنها غاية كان
(١) وهي الضمة، وقال الزجاج: وإنما بنيتا على الضم -أي قبل وبعد- لأن إعرابهما في الإضافة النصب والخفض ... فلما عدلا عن بابهما حركا بغير الحركتين اللتين كانتا تدخلان عليهما بحق الإعراب، "معاني القرآن" ٤/ ١٧٦. (٢) انظر. "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٩، والزجاج ٤/ ١٧٦، "القرطبي" ١/ ٢٠٦. (٣) انظر: "معاني القرآن" للفراء ٢/ ٣١٩، ٣٢٠. (٤) انظر: "المقتضب" ٣/ ١٧٤، ١٧٥. (٥) في (ب): (كقوله). (٦) انظر ما سبق عن (نحن) في قوله: {إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: ١١]: ٢/ ١٥٨ - ١٥٩. (٧) في (أ) و (ج): (أوتاتي). (٨) أحد شيوخ الواحدي في النحو، وقد تقدمت ترجمته في الكلام عن شيوخه. (٩) في (ب): (أعرف). (١٠) وهو قول الزجاج في "معاني القرآن" ٤/ ١٧٦، والنحاس في "إعراب القرآن" ١/ ١٥١.