وقال أبو إسحاق في تفسير {وَزَكَاةً}: (الزكاة التطهير)(١). وعلى هذا معني الآية: وآيتنا يحيى تعطفا منا عليه، وتطهيرا إياه من عندنا، والموصوف بالحنان والزكاة هو الله تعالى على هذا القول؛ لأنه ذو الرحمة على يحيى والمطهر له.
وقال قوم: الحنان والزكاة يعودان إلى زكريا، وهو قول الكلبي والفراء. قال الفراء:(وفعلنا ذلك رحمة لأبويك)(٢). وقال الكلبي في قوله:{وَزَكَاةً}(يعني: صدقه تصدق الله بها على أبويه)(٣). وعلى هذا القول يحتاج إلى إضمار كما ذكره الفراء ويكون التقدير: وفعلنا ذلك يعني هبة الولد واستجابة الدعاء حنانا من لدنا أي: رحمة منا على زكريا، وزكاة، وصدقة منا عليه (٤).
وقوله تعالى:{وَكَانَ تَقِيًّا} قال ابن عباس: (جعلته يتقيني ولا يعدل بي غيري)(٥).
قال المفسرون:(وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا هم بها)(٦). كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما من الناس عبد إلا قد هم بخطيئه أو عملها غير
(١) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٢٢. (٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٦٣. (٣) "معالم التنزيل" ٥/ ٢٢٢. (٤) قال الشنقيطي في "أضواء البيان" ٤/ ٢٢٩: والتحقيق فيه إن شاء الله هو أن المعنى: وأعطيناه زكاة أي: طهارة من الذنوب والمعاصي بتوفيقنا إياه للعمل بما يرضي الله تعالى. وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٨٨. (٥) "زاد المسير" ٥/ ٢١٤. (٦) "جامع البيان" ١٦/ ٥٨، "المحرر الوجيز" ٩/ ٤٣٨، "معالم التنزيل" ٥/ ٢٢٢، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٨٨.