ومنهم من جعل الوالدين أبر بالبدل، وهو قول ابن جريج، والفراء. قال ابن جريج:(أرحم به منهما بالذي قتل الخضر)(١). يعني رحمة الوالدين عليه أكثر.
وقال الفراء:(أقرب أن يرحماه)(٢). فعلى هذا، الرحم من جهة الوالدين، وعلى القول الأول الرحم من جهة الولد، وكلهم على أن معنى الرحم هاهنا: الرحمة والشفقة والعطف، غير أن الزجاج قال في هذه الآية:(أقرب عطفا، وأمس بالقرابة)(٣). وَهِمَ؛ لأن الأولاد لصلب الوالدين سواء في القرابة، ولا يكون بعضهم أمس بالقرابة من بعض.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي بن كعب:"فوقع أبوه على أمه فنقلت: فولدت خيرًا منه زكاة وأقرب رحما"(٤).
وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس:(ولدت جارية فولدت نبيا)(٥). وروى عكرمة عنه في قوله:{خَيْرًا مِنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا} قال: (ولدا كان في بطن أمه)(٦). وقال مجاهد:(كان ذلك الولد جارية)(٧). وهو قول جميع
(١) "جامع البيان" ١٦/ ٤. (٢) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٥٧. (٣) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٣٠٥. (٤) سبق تخريج الحديث وعزوه في بداية القصة. (٥) "جامع البيان" ١٦/ ٤، "النكت والعيون" ٣/ ٣٣٥، "زاد المسير" ٥/ ١٨١، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٣٧. (٦) ذكرت كتب التفسير نحوه بدون نسبة انظر: "جامع البيان" ١٦/ ٤، "لباب التأويل" ٤/ ٢٢٧، "الكشاف" ٢/ ٤٩٦، "زاد المسير" ٥/ ١٢٦، "تفسير القرآن العظيم" ٣/ ١١٠، "التفسير الكبير" ٢١/ ١٦١، "البحر المحيط" ٦/ ١٥٥. (٧) "النكت والعيون" ٣/ ٣٣٥ بدون نسبة، وذكر نحوه الثعلبي عن الكلبي ٣/ ٣٩١ ب، "بحر العلوم" ٢/ ٣٠٩.