وقال الكسائي:(قوله للجدار: {يُرِيدُ} من أفصح كلام العرب، وإنما إرادة الجدار ميله)(١).
قال أبو عبيد: (وهذا كقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لا تتراءى ناراهما") (٢). وإنما هو أن تكون ناران كل واحدة من صاحبتها بالموضع الذي لو قام فيه إنسان رأى الأخرى في القرب (٣).
وقال ابن قتيبة:(الجدار إذا أشرف على الانهيار يقال فيه: جدار يهم أن ينقض، أو يكاد، أو يقارب، وأياما يقال فقد جعل فاعلا, ولا يوصل إلى هذا المعنى إلا بمثل هذه الألفاظ. قال: والعرب تقول بأرض بني فلان شجر قد صاح، إذا طال وتبين للناظر بطوله جعلوه كأنه صائح؛ لأن الصائح يدل على نفسه بصوته)(٤). ويقال: شجر واعد إذا نور؛ كأنه ما نور وعد أن يثمر، وكل هذا مجاز كلام العرب واستعارتهم، وأنشد أبو عبيدة في مثل هذه الآية (٥):
(١) ذكر نحوه بلا نسبة "الكشاف" ٢/ ٣٩٨، "الجامع لأحكام القرآن" ١١/ ٢٥، "البحر المحيط" ٦/ ١٥١. (٢) أخرجه أبو داود في "سننه" كتاب: الجهاد، باب: النهي عن قتل من اعتصم بالسجود ٣/ ١٠٤، والترمذي في "جامعه"، كتاب: السير، باب: ما جاء كراهية المقام بين أظهر المشركين ٤/ ١٣٢، والنسائي في كتاب: القسامة، باب: القود بغير حديدة ٨/ ٢٦، والطبراني في "المعجم الكبير" ١/ ١٠٩، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ١٤١، وصححه ووافقه الذهبي، وأحمد في "مسنده" ٤/ ٣٦٥، والطبري في "جامعه" ١٥/ ٢٩٠، وابن عطية في "المحرر الوجيز" ١٠/ ٤٣٢، وقال عنه الألباني في "إرواء الغليل" ٥/ ٢٩: صحيح. (٣) "جامع البيان" ١٥/ ٢٩٠. (٤) "تأويل مشكل القرآن" ص ١٣٢. (٥) البيت للحارثي.