أراد بقوله:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} انسراب الحوت (١)؛ لأن هذا جواب لقول يوشع حين أخبره بذلك الحوت، وعنده الخضر في ذلك المكان الذي تنسرب فيه السمكة، فقال موسى:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} أي: نطلب ونريد من العلامة، ولو أراد الخضر بقوله:{مَا كُنَّا نَبْغِ} لقال: ذلك من كنا نبغي. ولكن يوشع لم يخبره عن الخضر بشيء حتى يكون معنى قوله:{ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ} الخضر. ودل كلام أبي إسحاق، والفراء على هذا القول (٢).
وقوله تعالى:{فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا} قال المفسرون: (رجعا وعادا عودهما على بدئهما في الطريق الذي جاءا منه)(٣). {قَصَصًا} أي: يقصان آثارهما قَصَصا. والقَصَص: إتباع الأثر (٤)، وقد مر ذكره. وانتصابه على المصدر (٥).
ودل قوله:{فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا} حتى انتهيا إلى الصخرة التي فعل عندها الحوت ما فعل، وأبصر موسى أثر الحوت فأخذا أثر الحوت يمشيان على الماء حتى انتهيا إلى جزيرة من جزائر البحر فوجدا الخضر (٦).