براحا، إذا راح من موضعه، ومنه قوله:{فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ}[يوسف: ٨٠] وقد مرَّ بنا، فإذا قلت: ما برح يفعل كذا، فكأنك قلت: أقام يفعل ذلك، ودام على حاله تلك من غير مفارقة. قال أبو إسحاق:(معنى {لَا أَبْرَحُ}: لا أزال، ولو كان معناه لا أزول كان محالاً؛ لأنه إذا لم يزل من مكانه لا يقطع أرضًا، وأنشد (١):
وأبرح ما أدام الله قومي ... بحمد الله مُنْتَطِقًا مُجِيدًا
أي: لا زال) (٢). وقال صاحب النظم:(قوله: {لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} مكفوف عن إتمام نظمه؛ لأن فيه إضمارًا وهو: لا أبرح أمضى ماضيًا، أي: سائرًا حتى أبلع مجمع البحرين)(٣).
قال ابن عباس في رواية عطاء:(يريد ملتقى البحرين العذب والمالح)(٤).
وقال قتادة:(يعني بحر فارس وبحر الروم)(٥). وكان مجمع البحرين الموضع الذي وعد موسى للقاء الخضر -عليه السلام-.
(١) البيت لخداش بن زهير. منتطق: يقال جاء فلان منتطقًا فرسه إذا جنبه ولم يركبه. انظر: "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٨، "المقاصد النحوية" ٢/ ٦٤،"أساس البلاغة" ٢/ ٤٥٤، "خزانة الأدب" ٩/ ٢٤٣، "شرح ابن عقيل" ١/ ٢٦٤، "تهذيب اللغة" (نطق) ٤/ ٣٦٠٢، "لسان العرب" (نطق) ٧/ ٤٤٦٣. (٢) "معاني القرآن" للزجاج ٣/ ٢٩٨. (٣) ذكر نحوه بلا نسبة "الكشاف" ٢/ ٣٩٥، "إملاء ما من به الرحمن" ص ٤٠١، "البحر المحيط" ٦/ ١٤٤، "الدر المصور" ٧/ ٥١٧، "التفسير الكبير" ٢١/ ١٤٥. (٤) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧١، "الدر المنثور" ٤/ ٤١٧. (٥) "جامع البيان" ١٥/ ٢٧١، "تفسير القرآن" للصنعاني ١/ ٤٠٥، "معالم التنزيل" ٥/ ١٨٥، "المحرر الوجيز" ٩/ ٣٤٩.