وقال سعيد بن جبير عنه: نزل القرآن كله ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء السفلى في السنين التي نزل فيها (١).
وقال قتادة: كان بين أوله وآخره عشرون سنة (٢)، وهو معنى قوله:{لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}، وقال السدي: قطعناه آية آية وسورة سورة، ولم ننزله جملة (٣)، والاختيار عند الأئمة: فرقناه مخففًا (٤)، وفَسّره أبو عمرو: بَيَّناه (٥).
وقال الفراء: أحكمناه (٦) وفصَّلناه؛ كما قال:{فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ}[الدخان: ٤] أي يُفَصّل (٧).
قال أبو عبيد: والتخفيف أعجب إليّ لأن تفسيره: بَيّناه، ومن قرأ بالتشديد (٨) لم يكن له معنى إلا أنه أُنزل متفرقًا، والتأويل الأول أعجب إليّ
(١) أخرجه "الطبري" ١٥/ ١٧٨، بنحوه من طريق عكرمة (حسنة) , وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٥٣٠، بنحوه. انظر: "تفسير الرازي" ٢١/ ٦٨، عن ابن جبير. (٢) أخرجه "عبد الرزاق" ٢/ ٣٩١ بنصه، و"الطبري" ١٥/ ١٧٨ بنصه، وورد في "تفسير الطوسي" ٦/ ٥٣٠ بنصه. (٣) ورد في تفسيره "الوسيط" ٢/ ٥٥٩، بنصه، وهو في معنى قول ابن عباس وقتادة السابقين. (٤) قرأ بها السبعة وعامة قراء الأمصار، انظر: "تفسير الطبري" ١٥/ ١٧٨، و"إعراب القراءات السبع وعللها" ١/ ٣٨٤. (٥) ورد في "معاني القرآن" للنحاس ٤/ ٢٠٥ بلفظه. (٦) في جميع النسخ: (حكيناه)، والصواب ما أثبته؛ لأنه هو المناسب للمعنى والمقابل لقوله: فصلناه، وقد ورد في المصدر والتهذيب: أحكمناه (٧) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٣ بنصه تقريبًا، انظر: "تهذيب اللغة" (فرق) ٣/ ٢٧٧٨. (٨) أخرجها الطبري عن ابن عباس ١٥/ ١٧٨، ونسبت في "القرأءات الشاذة" لابن خالويه ص٨١ إلى أُبيّ وابن عباس ومجاهد, وأوردها ابن جني في "المحتسب" ٢/ ٢٣، ونسبها إلى علي وابن عباس وابن مسعود وأُبيّ والشعبي والحسن وقتادة وغيرهم. وفي "الإتحاف" ص ٢٨٧ قرأ بها ابن محيصن. وزاد ابن عطية ٩/ ٢١٦ أن في قراءة ابن مسعود وأبي زيادة كلمة (عليك)، أي: فَرَّقْنَاه عليك لتقرأه، وكلتا الروايتين قراءة شاذة كما هو ظاهر.