هو يشتمل جميع البدن، ففي كل بعضٍ من أبعاضِ البدن بعضٌ مِن أبعاضِ الروح، واحتج بقوله:{وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ}[إبراهيم: ١٧]، وهذا كله إذا رجعت إلى التحقيق ضرب من التكلُّف (١)؛ لأن الله تعالى أبهم على ذلك (٢).
قال عبد الله بن بُريدة: ما يبلغ الجن والإنس والملائكة والشياطين علم الروح، ولقد مات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وما يدري ما الروح (٣).
وقال الفراء: الروح هو الذي يعيش به الإنسان، لم يخبر الله به أحدًا من خلقه، ولم يعط علمه أحدًا من عباده (٤).
وقال في قوله:{قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي} من علم ربي لا تعلمونه (٥)، وقيل: من خلق ربي، أي: أنه مخلوق له.
وقوله تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}، أي: بالإضافة إلى علم الله تعالى، وذلك أن اليهود كانت تدّعى علم كل شيء بما في كتابهم التوراة، فقال الله تعالى:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} قال أبو إسحاق: وقليل وكثير لا يصلح إلا بالإضافة، وإنما يَقِلُّ الشيء عند ما هو أكثر منه، وكذلك يكثر عند ما هو أقل منه (٦)، ويجوز أن يكون الخطاب في قوله:
(١) في جميع النسخ: (التكليف). والصواب ما أثبته. (٢) لذلك كان الأولى أن لا يخوض في هذه المسألة أصلاً. (٣) ورد في "الأضداد" لابن الأنباري ص ٤٢٦ مختصرًا، وأخرجه أبو الشيخ في "العظمة" ص ١٩٣، بنصه، انظر:"تفسير السمعاني" ٣/ ٢٧٥، أورده السيوطي في "الدر المنثور" ٤/ ٣٦٢ مختصرًا، وزاد نسبته إلى ابن أبي حاتم. (٤) ورد في " تهذيب اللغة" (راح) ٢/ ١٣١٣، بنصه تقريبًا. (٥) "معاني القرآن" للفراء ٢/ ١٣٠، بنحوه. (٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٥٨، بتصرف يسير.