وقال صاحب النظم: السبح في اللغة: التباعد، يدل عليه قوله -عز وجل-: {إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا}[المزمل: ٧] أي متباعدًا في المذهب والمدة لما تريد من قضاء حوائجك، ومعنى سَبَّحَ الله: بعّده ونزهه عما لا يليق به (١)، والتنزيه معناه: التبعيد (٢)، و {سُبْحَنَ} اسم بمعنى المصدر، موضوع موضع الفعل، وكثيرًا ما تضع العربُ المصادرَ مواضع الأفعال؛ كقوله عز وجل:{فَضَرْبَ اَلرِّقَابِ}[محمد: ٤] أي اضربوها، ومثله:{وَقِيلِهِ يَا رَبِّ}[الزخرف: ٨٨] أي ويقول، فعلى هذا معنى {سُبْحَنَ} أي سَبِّحوه ونَزِّهوه عن الشريك والولد و (٣) ما لا يجوز في صفته، ويجوز أن يكون هذا التنزيه راجعًا إلى الله تعالى، وبذلك فسَّر ابن عباس فقال: نزّه (٤) نفسه (٥)، وعلى هذا يجوز أن ينتصب {سُبْحَنَ} على النداء بمعنى: يا سبحان الذي أسرى بعبده.
قال الزجاج: معناه سَيَّر عبدَه (٦)، يعني محمدًا -صلى الله عليه وسلم-، ومضى الكلام
= من أجل علقمة، وقد اعترض السمين والبغدادي على قوله الأول؛ فقال السمين: وفيه نظر، وقال البغدادي: وهو ضعيف لغةً وصناعة، انظر: "الدر المصون" ١/ ٢٥٩، و"الخزانة" ٧/ ٢٤٥. (١) انظر: "تفسير الفخر الرازي" ٢٠/ ١٤٥ بنصه. (٢) انظر (سبح) في "تهذيب اللغة" ٢/ ١٦٠٩، و"اللسان" ٤/ ١٩١٤. (٣) الواو ساقطة من (أ)، (د). (٤) في جميع النسخ: نزّهه، والصحيح المثبت كما في سورة النحل [آية: ١] عن ابن عباس أيضًا. (٥) انظر: "تنوير المقباس" ص ٢٨٢، وورد غير منسوب في "تفسير مقاتل" ١/ ٢٠٠ أ، و"هود الهواري" ٢/ ٣٥٩، و"السمرقندي" ٢/ ٢٢٨، و"الفخر الرازي" ١٩/ ٢١٨. (٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٣/ ٢٢٥ بنصه.